ولهذا فإنهن يبعثن عن حب وعطف، هو وليد التجارب، بتحيتهن إلى شقيقاتهن في مصر، وهن يتطلعن إلى الأمام في سبيل إحكام الروابط وتعزيز أواصر الصداقة والمصالح المشتركة بينهن جميعا.
والواقع أن تقدم المرأة الذي شاهدناه في الباكستان ليس حديث العهد، بل إنه يرجع إلى ألف عام مضت عندما كان المسلمون يحكمون القارة الهندية، والتاريخ الإسلامي يزخر بشخصيات نسائية عظيمة تزعمت الحركة الفنية والثقافية والسياسية في هذه المنطقة حتى فقن الرجال في مختلف هذه الميادين.
ومن بين هذه الشخصيات الكبيرة: السلطانة رضية إمبراطورة عائلة العبيد، فقد حكمت البلاد برقة نسائية متسمة بحزم ومقدرة خلال القرن الثالث عشر الزاخر بالأحداث، وثارت جيوشها خلال معارك عديدة، وماتت في ميدان القتال في إحدى الحروب الأهلية.
وكانت البيجوم جولبادان، ابنة الإمبراطور بابر - أول عظماء ملوك المغول - من أعظم الشخصيات التي عنيت بالفن والثقافة، ونشرت مذكرات رائعة باللغة الفارسية عن أخيها الإمبراطور همايون.
واشتهرت السلطانة سليمة، ابنة أخت الإمبراطور همايون، بقرض الشعر باللغة الفارسية، وكانت تنظم الشعر تحت اسم مستعار هو «مخفر»، وتزوجت ابن عمها الإمبراطور «أكبر» الكبير، وكانت مربيته تدعى «مهام أنجا» وكانت تتمتع بثقافة عالية وأنشأت كلية في دلهي.
ويمكن مقارنة السلطانة «شاند» ملكة «دكن» بجان دارك الفرنسية، فقد كانت باسلة جريئة هاجمت جيوش الإمبراطور «أكبر» العظيمة التي اجتاحت مملكتها وقاتلتها قتالا مريرا.
وأنجب القرن السابع عشر الإمبراطورة «نورجهان» أي نور العالم، وهي من ألمع النساء في التاريخ وأكثرهن فتنة، وقد كان تأثيرها عظيما على السفراء الأجانب الذين أتيح لهم الاجتماع بها في بلاط زوجها الإمبراطور جهانكير، فكتب عنها سير هوكنس وسير توماس رو وإدوارد تيري وويليام فنشي يشيدون بنبوغها العظيم وفتنتها وذوقها ... كان لها ذوق في الأزياء (الموضة) ووضعت رسوما جميلة رائعة للملابس والأبسطة والسجاد، ولا تزال نساء الباكستان حتى يومنا هذا يقلدن ما وضعته من رسوم المجوهرات والأزياء وهندسة البيوت من الداخل وتزيينها وتجميلها.
وقد بدأت العصور المظلمة للمرأة في الباكستان بسقوط الإمبراطورية المغولية في القرن الثامن عشر واستمرت حتى نهاية القرن التاسع عشر ... وفي خلال هذه الفترة عزلت المرأة واختفت وراء «البردة» أو الحجاب الباكستاني.
وبانتهاء القرن التاسع عشر بدأت المرأة تستيقظ من جديد على أثر الحركات الإصلاحية التي قامت في البلاد، وأخذت النساء المتعلمات ينشئن الجمعيات والهيئات النسائية، وظهرت في لاهور عام 1886 المجلة الأسبوعية النسائية «تهذيب النسوان» وقد أنشأتها البيجوم محمدي ، ويرجع إلى هذه المجلة فضل إنهاض المرأة المسلمة في الهند.
وفي عام 1913 خرج إلى الوجود مؤتمر النساء الهنديات المسلمات في «بهوبال».
ناپیژندل شوی مخ