كانت هذه القوات الرئيسية الثلاث التي يجب على مونتباتن أن يتفاوض معها أثناء عملية تقسيم شبه القارة الهندية ... ولكن هذه القوات الرئيسية الثلاث لم تكن هي الوحيدة في الميدان، فقد كان هناك الأمراء أيضا، وقد زعموا أن من حقهم أن يكون لهم رأي وأن يشتركوا في تلك القرارات التاريخية الحاسمة التي كانت على وشك أن تتخذ. •••
إن باكستان تحس أن ظلما كبيرا قد وقع عليها في هذه القسمة التي انتهت إليها شبه الجزيرة الهندية، ولا تكاد تقابل أحدا من سياسييها في كراتشي أو حيدر أباد أو لاهور أو بشاور إلا ويشكو إليك من هذا الظلم!
ولست في حاجة إلى ذكاء كبير لكي تعرف من المسئول عن هذا الظلم ... ومن المسئول عن القسمة الجائرة.
إن مسئولية بريطانيا كبيرة جدا أمام التاريخ، فقد كان من نتائج قسمة شبه الجزيرة الهندية، على الوضع الذي انتهت إليه، أن كادت الحرب الأهلية تنشب أكثر من مرة في هذا الجزء من العالم بين أقوام عاشوا جنبا إلى جنب سنوات طويلة.
ولطالما ارتفع صوت الظلم الذي تحس به باكستان إلى أذن القاضي الذي احتكمت إليه، ولكن القاضي كان يصم أذنيه عن سماع الشكوى أو يتظاهر بالانشغال عنها متناسيا أن باكستان أكبر دولة في الدول الإسلامية التي تمتد من شاطئ الأطلنطي في شمال أفريقيا عبر مصر وإيران والمملكة العربية السعودية حتى سنغافورة، ومتناسيا فوق ذلك أن باكستان تقف حجر عثرة في طريق روسيا إلى الشرق، وربما كانت الحجر الوحيد الباقي في هذا الركن من الكرة الأرضية.
ومن العجيب أن بريطانيا، التي قامت في قسمة الهند بدور السمسار الأمين، تمد كل دولة من الدولتين باكستان والهند بالضباط والجنود البريطانيين علاوة على العتاد الحربي والذخيرة، دون أن تهتم قبل ذلك بتهدئة الجو بين الدولتين، أو تسوية المشاكل القائمة بينهما على أساس العدالة، مع أنها تعرف أكثر من غيرها مقدار ما يتعرض له السلام العالمي من خطر بسبب استمرار المنازعات بين دولتين تضمهما مجموعة الدول البريطانية (الكومنولث).
قال لي ضابط بريطاني قابلته في باكستان، وكان ذلك في فبراير عام 1953: لا شك أنه سيكون من العار أن تنشب الحرب بين دولتين في داخل «الكومنولث»، ولكن لا شك أن هذه هي النتيجة المحتومة إذا لم تتدارك لندن الموقف ...
وسألت الضابط البريطاني: ولكن ماذا يكون موقفك أنت لو حدثت حرب أو مذابح بين الهند وباكستان؟ هل تشترك بوصفك ضابطا باكستانيا وتحارب مع الباكستانيين؟
وابتسم الرجل وقال: لا! إن التعليمات صريحة، ولو حدث شيء من هذا القبيل بين الدولتين فإن على كل ضابط بريطاني أن يترك قيادته في الحال، وإلا وجهت إليه تهمة التمرد وعصيان الأوامر بعد عودته إلى بريطانيا ...
وهكذا تبين أن حكومة لندن قد وضعت لنفسها خطة تتبعها في حالة الحرب ... ولكنها لم تحاول أن تضع خطة للسلم!
ناپیژندل شوی مخ