وكنا لا نكاد نقابل صحفيا أو سياسيا باكستانيا إلا ويبادرنا بالسؤال عن «الميدو» واحتمال اشتراك باكستان فيه.
و«الميدو» هو اختصار لمشروع الدفاع عن الشرق الأوسط. وقد كان الحديث في هذا المشروع دائرا على الألسن في ذلك الوقت، وكانت في أذهان الباكستانيين فكرة غامضة عن المشروع وعن رأي مصر والمسئولين في هذا المشروع، ولقد دفعهم إخلاصهم إلى الاعتقاد بأن واجبهم يقضي عليهم بالانضمام إلى هذا المشروع للمساهمة في الدفاع عن مصر وعن الشرق الأوسط، وكنا نشرح لكل من يسألنا بكل جلاء رأي مصر في هذا المشروع وغيره، وهو أنه لا تفكير في الاشتراك في أي مشروع من مشروعات الدفاع عن الشرق الأوسط قبل أن يتم إجلاء البريطانيين عن قناة السويس، ولذلك فإن كل كلام في هذا الموضوع يعتبر سابقا لأوانه ولا محل للبحث فيه.
وفي ذات يوم ونحن في كراتشي، حضر لزيارتنا في الفندق السيد «إسلام سليماني»، نقيب الحلاقين في باكستان، وسلمنا رسالة تحية رقيقة من حلاقي الباكستان إلى وفد الصحافة المصرية ... وقد شفع رسالته برسالة أخرى طويلة طلب تسليمها إلى السكرتير العام للحلاقين المصريين، وقال السيد إسلام في خطابه إن رسالته إلى الحلاقين المصريين، بلا شك، أول رسالة من نوعها يبعث بها حلاقو دولة إسلامية إلى حلاقي الدولة الأخرى.
وتقول الرسالة: إن اتحاد جميع حلاقي الباكستان يهدف إلى إغاثة اللاجئين من الحلاقين وإلى إيجاد أعمال للمتعطلين منهم ... وإن الاتحاد يهدف كذلك إلى رفع مستوى المعيشة وتحسين حال كل من يعمل في هذا الفن ... فن الحلاقة والجمال!
أما برنامج المستقبل فهو تنظيم «صالون الحلاقة» على الطراز الحديث مع استعمال أحدث الآلات.
وتقول رسالة الحلاقين أيضا: نحن أهل الباكستان شعب مستقل، ونحن نريد أن تتمتع جميع الشعوب بنعيم الحرية! والمصريون ليسوا غرباء علينا فنحن إخوان تقوم بيننا أوثق العلاقات.
وتقوم باكستان ومصر على رأس العالم الإسلامي، ويحاول زعماء الدولتين دائما التقريب بينهما، وقد افتتحت مصر صفحة جديدة ذهبية من تاريخها تحت زعامة الجيش الذي قاد مصر إلى مصاف أهم الدول في العالم الحديث، وقد تقشعت السحب القاتمة وأصبح الطريق واضحا وسيتحقق الهدف قريبا ... ونحن نهنئ مصر وجيشها مؤسس مصر الحديثة ...
وأشارت الرسالة إلى ما قام به حلاقو باكستان في المؤتمر الإسلامي الذي عقد بمدينة كراتشي في التاسع من شهر فبراير 1951 إلى 12 فبراير سنة 1951، فقالت إن حلاقي الباكستان انتهزوا هذه المناسبة السعيدة فأعدوا صالونا عصريا أطلقوا عليه اسم «صالون الحلاقة الإسلامي الدولي»، حتى يقوم بقص شعر وحلاقة ذقون أعضاء المؤتمر وغسل وجوههم وتدليكها.
وقد اجتمع في هذا الصالون أبرع الحلاقين ليكونوا في خدمة الأعضاء، وكان من بين هؤلاء الحلاقين جماعة من أشهر فناني الباكستان، فمنهم مثلا الذين كانوا يحلقون للقائد الأعظم محمد علي جناح ، ومنهم من كانوا يحلقون لقائد الملة المرحوم لياقت علي خان ، وحلاق خوجه نظام الدين رئيس الوزراء السابق.
وقد قام بافتتاح هذا الصالون سماحة مفتي فلسطين، وكان أول شخص حلق فيه هو سردار محمد إبراهيم خان رئيس المؤتمر الإسلامي في جمو وكشمير ...
ناپیژندل شوی مخ