من يجب تقديمه لم يجدوا من يتلافى فارطهم، ويتدارك زللهم، ويصرف عنهم (1) من قد ملكوه أمرهم، وعظم به ضررهم.
ومن عجيب أمرهم: أنهم يعترفون بأن الأمة ليس لها أن تمضي حكما، ولا تقيم على أحد حدا، ولا تنفذ جيشا، ويزعمون أن لها أن تجعل هذه [الأمور] لأحدها، وترد إليه [ما لم] يرد إليها، وتملكه من الشريعة أشياء لا تملكها، من غير أن يأذن لها في ذلك مالكها، وهذا من أطرف الأمور وأعجبها!
ومن عجيب أمرهم: أنهم فيما ذهبوا إليه من الاختيار قد أجازوا إهمال أمر [هذه] الأمة إلى أن يختار علماؤها واحدا، مع أنه (2) لو اختار أهل مدن مختلفة عدة أئمة وجب عندهم أن يقف أمرهم إلى أن ينظروا من الأولى منهم فيقدموه، ويبطلوا إمامة من سواه ويسقطوه، فإن كان قد عقد لهم في وقت واحد سقطت إمامتهم [كلهم، فأباحوا بهذا ترك الناس في هذه] المهلة (3) بغير إمام، وربما تراخت وطالت واضطرب فيها أمر الأمة، وضاعت وحدثت أمور لا مدبر لها، وتولدت مضارا عامة لا مصلح لفاسدها.
وقيل لهم على (4) هذا الرأي: لم لا يصبر (5) أصحاب السقيفة عن المبادرة بالعقد لإمام، والمسارعة التي انفردوا بها عن الأنام ريثما يفرغ بنو هاشم من تجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6) ومواراته، وقضاء مفترض حقه في مراعاته، حتى إذا
مخ ۴۷