الكلمة فلا ينبغي أن يُثبت إذا دَل على معنى، وفعلُ الأمر لا يحتمل معاني يفرّق الإِعراب بينها، فلم يحتج إلى الإِعراب، وقد ذكرنا ذلك في إعراب الفعل هل هو استحسان أم أَصلٌ؟ فيما تقدّم، ولأنّ الإِعراب إمّا أن يثبت أصلًا، أو استحسانًا، وكلاهما معدوم. أمّا الأصلُ فلأنّه لا يحتمل معانيَ يفرق الإِعراب بينهما، وأمّا الاستحسان فهو أنّ فعلَ الأمرِ لا يُشابه الاسم حتّى يحمل عليه في الإِعراب، بخلاف المضارع فإنّه يشبه الاسم بوجود حرفِ المضارعة، وليس في لفظ الأمر هنا حرفُ مضارعةٍ يشبّه به الاسم، فعند ذلك يجب أن يكونَ مَبنيًّا.
واحتجّ الكوفيون بأنّه فعلُ أمرٍ، فكان معربًا بالجزمِ، كما لو كان في حرف المضارعة كقولك: لتضرب يا زيد، وليضرب عمرو، ولا إشكال في أنّ كلَّ واحدٍ منهما أمر، فإذا كان أحد الأمرين معربًا، كان الآخر كذلك، قالوا: فإن قيلَ هناك حرف المضارعة وهو المقتضي للشّبه، قيل: فعلُ الأمر للمواجه إن لم يكن فيه حرفُ المضارعةِ لَفظًا فهو مقدَّرٌ مرادٌ، وحُذِفَ لفظًا للعلم به، فالتَّقدير في قولك قُم، لتقم ويَدُلُّ على ذلك أنّ حذف اللام قد جاء صريحًا كقول الشاعر:
1 / 177