واحتجَّ الآخرون من ثَلاثةِ أوجهٍ:
أحدُها: أنَّ المصدَرَ مفْعَل وبابه أن يكون صادِرًا عن غيرِه، وأمَّا أن يَصدُرَ عنه غيرُه فكلاّ.
والثاني: أنّ المصدَرَ يعتلّ لاعتلالِ الفعلِ، والاعتلالُ حكمٌ تسبقه علّته، فإذا كان الاعتلالُ في الفعلِ أولًا وجبَ أن يكون أصلًا، ومثالُ ذلك قولُكَ صامَ صِيامًا، وقامَ قِيامًا، فالواو في قام: أصلٌ اعتُلّت في الفِعل فاعتُلّت في القِيام، وأنتَ لا تقولُ اعتُلّ «قامَ» لاعتلالِ القيامِ.
والوجهُ الثالث: أنّ الفعلَ يَعملُ في المَصدرِ كقولك: «ضَربته ضربًا». ف «ضربًا» منصوب ب «ضربت»، والعاملُ مؤثِّرٌ في المَعْمُولِ، والمُؤَثِّرُ أَقوى من المُؤَثَّرِ فيه، والقُوّةُ تَجْعَلُ القَوِيَّ أصلًا لِغيره.
والجواب: أمّا الوجهُ الأول فليس بشيء؛ وذلك أنّ المصدرَ مشتقٌّ من صدرت عن الشيء إذا وليتَه صدرَكَ وجعلتَه وراءَك ومن ذلك قولهم: «المَورِد والمَصدَرُ» يشارُ به إلى الماء الذي ترد عليه الإبل ثمّ تَصدر عنه ولا معنى لهذا إلاّ أنّ الإِبل تتولّى عن الماء، وتصرِفُ عنه صدورَها فيقالُ قد
1 / 147