أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض﴾ أَيْ مَا غَابَ فِيهَا ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ من الطاعة ﴿وما كنتم تكتمون﴾ مِنْ أَنَّ اللَّهَ لا يَخْلُقُ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، وَقِيلَ: مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ مِنَ الْكِبْرِ.
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُهَنَّدِيُّ، قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ شَاهِينَ، قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بن زيد ابن الزَّرْقَاءِ، قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ قَادِمِ بْنِ مِسْوَرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلائِكَةَ بِالسُّجُودِ لآدَمَ أَوَّلُ مَنْ سَجَدَ لَهُ إِسْرَافِيلُ فَأَثَابَهُ اللَّهُ ﷿ أَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ فِي جَبْهَتِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ زَوَّجَهُ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ. وَالرَّغَدُ: الرِّزْقُ الْوَاسِعُ. وَفِي الشَّجَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: الأَوَّلُ الْحِنْطَةُ. وَالثَّانِي الْكَرْمُ. روى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّالِثُ التِّينُ قَالَهُ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ. والرابع شجرة الكافور روى عن علي ﵇. وَالْخَامِسُ النَّخْلَةُ، قَالَهُ أَبُو مَالِكٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فأزلهما الشيطان عنها﴾ أَيْ حَمَلَهُمَا عَلَى الزَّلَلِ، وَقَرَأَ الأَعْمَشُ فَأَزَالَهُمَا أَيْ عَنِ الْجَنَّةِ، قَالَ السُّدِّيُّ: دَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي فَمِ الْحَيَّةِ فَكَلَّمَهُمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَادَاهُمَا مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ آدَمُ تَعَمَّدَ فَمَعْصِيَتُهُ كَبِيرَةٌ وَالْكَبَائِرُ لا تَجُوزُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَإِنْ كَانَ نَسِيَ فَالنِّسْيَانُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ نِسْيَانٍ وَالأَنْبِيَاءُ مُطَالَبُونَ بِحَقِيقَةِ التَّيَقُّظِ وَتَجْوِيدِ التَّحَفُّظِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَالنِّسْيَانُ يَنْشَأُ مِنَ الذُّهُولِ عَنْ مُرَاعَاةِ الأَمْرِ، فَكَانَتِ الْمُؤَاخَذَةُ عَلَى سَبَبِ النِّسْيَانِ.
1 / 26