228

تبصره

التبصرة

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

ادب
تصوف
سَجْعٌ
طَالَ مَا ظَمِئَتْ لأَجْلِنَا هَوَاجِرُهُمْ، طَالَ مَا يَبِسَتْ بِالصِّيَامِ لَنَا حَنَاجِرُهُمْ، طَالَ مَا غَرِقَتْ بِالدُّمُوعِ مَحَاجِرُهُمْ، طَالَ مَا أَزْعَجَتْهُمْ مَوَاعِظُهُمْ وَزَوَاجِرُهُمْ، طَالَ مَا صَدَقَتْ مُعَامَلَتُهُمْ وَمَتَاجِرُهُمْ، فَغَدًا يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْوِلْدَانُ وَالْحُورُ الْعِينُ ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وكأس من معين﴾ .
نَظَرَ إِلَيْهِمْ مَوْلاهُمْ فَارْتَضَاهُمْ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَارَهُمْ وَاصْطَفَاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ مُنَاهُمْ، وَمَنَحَهُمْ مالا يُحْصَى مِنَ الْخَيْرِ وَحَبَاهُمْ، فَإِذَا قَدِمُوا عَلَيْهِ أَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى مَوَائِدِ الْفَوَائِدِ مِنْ زَوَائِدِ التَّمْكِينِ ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ .
لَقَدْ لَذَّ نَعِيمُهُمْ وَطَابَ، وَصِينَ حَرِيمُهُمْ يَوْمَ الثَّوَابِ، وَدَامَ تَكْرِيمُهُمْ وَزَالَ الْعِتَابُ، وَتَوَفَّرَ تَعْظِيمُهُمْ بَيْنَ الأَحْبَابِ، وَنَجَا غَرِيمُهُمْ مِنْ وَرَطَاتِ الْحِسَابِ، فأشرقت ديارهم وفتحت بالأبواب، وَطَافَ عَلَيْهِمُ الْوِلْدَانُ فِي الْمَقَامِ الأَمِينِ ﴿بِأَكْوَابٍ وأباريق وكأس من معين﴾ .
قوله تعالى: ﴿لا يصدعون عنها﴾ أَيْ لا يَلْحَقُهُمُ الصُّدَاعُ الَّذِي يَلْحَقُ شَارِبِي خَمْرِ الدُّنْيَا. وَعَنْهَا: كِنَايَةٌ عَنِ الْكَأْسِ الْمَذْكُورَةِ، والمراد بها الخمر ﴿ولا ينزفون﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ الزَّايِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَنْ فَتَحَ فَالْمَعْنَى: لا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ بِشُرْبِهَا: يُقَالُ لِلسَّكْرَانِ نَزيِفٌ وَمَنْزُوفٌ. وَمَنْ كَسَرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لا يُنْفَدُونَ شَرَابَهُمْ أَيْ هُوَ دَائِمٌ أَبَدًا. وَالثَّانِي: لا يَسْكَرُونَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
(لَعَمْرِي لَئِنْ أُنْزِفْتُمْ أَوْ صَحَوْتُمْ ... لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمْ آلَ أَبْجَرَا)
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَمْرِ السُّكْرُ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ السُّكْرَ إِنَّمَا يُرَادُ لِيُزِيلَ الْهَمَّ، وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ هَمٌّ، فَلا فَائِدَةَ فِي إِزَالَةِ الْعَقْلِ، أَلا تَرَى أَنَّ النَّوْمَ لَمَّا أُرِيدَ لِلرَّاحَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ تَعَبٌ لَمْ يَكُنْ نوم.

1 / 248