طبیعیات په علم کلام کې: له تېر تر راتلونکي
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرونه
إنها «أوثان المسرح» التي حذر منها فرنسيس بيكون، النابعة من الافتتان بممثلي أو أعلام الفكر السابقين. كما ينبهر متفرج المسرح ببراعة الممثل في تجسيد الدور، «أو براعة المفكر في تجسيد روح عصره ومتطلباته»، وينسى المتفرج واقعه ومشكلاته، يتألم لمآسي الممثل ويفرح لظفره بالمحبوبة، حتى وإن كان بين المتفرج ومحبوبته فراسخ وأميال! كذلك تماما تعيش الجماعات المتطرفة في واقع تلك المصنفات التراثية التي كانت نتاجا أو استجابة لظروف حضارية انتهت منذ قرون عديدة، ملغين ظروف واقعنا، ولا يلتفتون إلى أن فتاوى ابن تيمية لمواجهة المغول لا تصلح لمواجهة القوى الإمبريالية المعاصرة، وأن معالم سيد قطب كانت على طريق الاصطدام مع التجربة الناصرية الاشتراكية التي أصبحت الآن أثرا بعد عين. من هنا يتصاعد الشرر، من المطابقة بين الدين والتراث، بين العقائد من ناحية، ومن الناحية الأخرى حصائل الجهد البشري في مرحلة تاريخية معينة، فيريدون صياغة الحاضر على غرار الماضي، من حيث المحتوى المعرفي والمفاهيم، حتى تفصيلات الأنماط السلوكية! تنشغل إسرائيل بالأسلحة النووية والقنابل الذكية، وينشغلون هم بالشهب والحراب على من حرم النقاب، متصاغرين متخاذلين في تحدي الإسلام الحقيقي أمام الآخر الغربي الذي نزع النقاب عن المادة ليكشف الذرة، ثم نزع النقاب عن الذرة ليكشف الجسيمات، ثم نزع النقاب عن الجسيمات الذرية ليكشف - أخيرا - الكواركات، ولا يكتفي أبدا. أي النقابين الانشغال به الآن خير وأبقى؟! بديهي أن هدف بحثنا هذا بأسره توجيه الاهتمام نحو النقاب الثاني؛ لأننا نحسبه عند الله وعند عباده خيرا وأجدى.
أما تلك المطابقة الخاطئة بين الإسلام وتراثه، بين العقائد وتنظيرها؛ أي كلامها في مرحلة تاريخية معينة، فتضر بالإسلام قبل سواه؛ لأنها تفترض فيه تحجرا عند مرحلة أسبق، تحجرا زائفا لا يوجد إلا في عقولهم؛ فالدين رسالة ... مسئولية أبت أن تحملها السماوات والأرض وحملها الإنسان ... إنه إيجابية؛ أي عمران ونماء وتطور.
وهم بهذا المفهوم المتحجر للدين والتراث، يصرون على أن التراث حاضر اليوم وفاعل، أو ينبغي أن يكون هكذا، «وأن الحضور والفعل اللذين له مستمدان من استمرار الماضي في الحاضر، استمرار الجوهر في تجلياته، وأن الزمان والفعل ما هو إلا عنصر خارجي ويسجل لحظات لا كيفية فيها ولا في تتابعها.»
3
وهذه رومانطيقية مجردة،
4
رومانطيقية اللياذ بالعوالم الذاتية المنفصلة عن العالم الموضوعي المشترك بين الذوات أجمعين، رومانطيقية العجز عن الفكر وعن الفعل، رومانطيقية التضاد مع العقلانية، وبالتالي هي ضد التنوير، بل إنها على وجه التعيين هي الإظلام؛ فالإظلام هو تغييب الواقع، فلا يعود التراث والدين أفيونا للشعوب لأنه مخدر لها بأفكار أخروية ووعود سماوية فحسب، بل أيضا وأساسا؛ لأنه اغتصاب للواقع وتغييب للآن، وإلغاء للزمان برمته، وبالتالي نفي لفكرة التقدم.
بل إنهم يفعلون بفكرة التقدم ما هو أكثر من النفي؛ إذ يعكسونه، يجعلون التقدم قهقريا، مما يجعل التاريخ يتساقط من واقع خارج الزمان ينفي الحركة ويئد التطور ويلغي التقدم. إنهم ينطلقون من مقدمة تسلم بأن ذروة التقدم كائنة في الماضي، مستعينين بالحديث الشريف: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ...» وقد تشكك فيه ابن حزم وآخرون. هم يفضلون القرون الأربعة الأولى، وربما القرن الأول فقط، وكلما سرنا قدما مع مسار التاريخ سرنا طرديا مع سقوط مستمر وانهيار تدريجي ومتوال لتلك الذروة التقدمية، حتى نصل إلى عصرنا الحالي، فنصل إلى أدنى درجات الانهيار، وكل عصر آت درجة أدنى من الانهيار؛ ليكون تقدم التاريخ قد أصبح انهيارا تاما وسقوطا شاملا، فيصبح التقدم الحقيقي هو التقدم القهقرى؛ الرجوع إلى الوراء، واللحاق بالعصر الذي ولى وفات.
من هنا كان محور هذه النزعة السلفية يكمن في اعتبار اللحظة الماضية المنطلق الأنطولوجي والإبستمولوجي، وليس فقط الأكسيولوجي، منطلق الحلول للحاضر والمستقبل. وكما أشار طيب تيزيني: «إن الماضي يبرزها هنا، على هذا النحو مبتدأ وخبرا، منطلقا ونهاية، لكل فعالية إنسانية لاحقة، إنه، بتعبير آخر، المخول القادر أصلا على إكساب كل فعالية إنسانية - مهما كانت أبعادها ومواصفاتها - اعتبارها ومشروعيتها في الوجود. وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن الماضوية تبرز عنصرا مكونا للنزعة السلفية.»
5
ناپیژندل شوی مخ