طبیعیات په علم کلام کې: له تېر تر راتلونکي
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
ژانرونه
إن نشأة علم الكلام في التربية الإسلامية ونموه في مناخها الموار الفائر، بفعل مكوناتها وصراعاتها، حتى وصل بفضل عوامل عديدة، منها حركة الترجمة، إلى طور الفلسفة الإسلامية، يطيح بذلك الوهم الذي يجعلنا منفعلين فحسب، ومن الضروري هنا الإشارة إلى لفتة حسين مروة الثاقبة، حين أوضح بالتفصيل المدروس كيف أن المحرك الأول للعقل العربي، وبالتالي النقطة الأولى المفضية للفلسفة الإسلامية لم تكن حركة الترجمة، بل كانت عقيدة الجبر التي رفعها الأمويون لتبرير حكمهم الجائر القائم على الدم الطاهر المراق، وبالتالي ظهرت الثورة عليهم في شكل رفض أيديولوجيتهم السلطوية؛ أي رفض عقيدة الجبر على يد الثالوث من شهداء القدرية أو الحرية: معبد الجهني وعمرو القصاص وغيلان الدمشقي، الذين هم أسلاف المعتزلة. والمعتزلة بدورهم أسلاف الفلاسفة الإسلاميين.
17
ومن هذه الثورة الشعبية ضد السلطة الجائرة، أو هذا الصراع الأيديولوجي بين الجبرية والقدرية في الربع الأخير من القرن الهجري الأول، بدأت رحلة العقل العربي إلى عالم التفلسف مصداقا للقول الشهير: تاريخ الفلسفة هو تاريخ الحرية.
بكل هذا الدور الحاسم والفعالية الشاملة لعلم الكلام، ولأنه أصيل، بمعنى الكلمة وخصوصي، تخلق في رحم الحضارة الإسلامية، وأيضا لأنه يدور بصورة أو بأخرى حول التنظير العقلي للعقائد الإسلامية التي هي المخزون النفسي والبناء الشعوري للجماهير، النسيج القيمي، ملامح المجتمع وقسماته وأطر معاييره ... على الإجمال الموجهات العامة للوعي وللسلوك، فقد أصبح التمثيل العام للأيديولوجيا الإسلامية، لا سيما وأن علم الكلام بالذات، ودونا عن سائر علوم تراثنا القديم، هو الذي نشأ في أتون الصراع السياسي ، وأن المتكلمين كانوا دائما هم أيديولوجيو الدول الإسلامية. المعتزلة جندتهم الدولة العباسية الأولى في حربها ضد خطر الشعوبيات عليها، وما حملته من تيارات فكرية مناهضة للعقلية الإسلامية كالمانوية والمجوسية والغنوصية؛ «فكان المعتزلة هم أيديولوجيو الدولة آنذاك، يعملون على نشر وتكريس العقل الديني الإسلامي، وبالتالي سلطة الدولة.»
18
ولما تعاظم شأن المعتزلة - لتعاظم شأن العقل معهم - وقوي بناؤهم الأيديولوجي وبات خطرا يهدد الدولة الاستبدادية التي بدأت عوامل الضعف والتفكك تتسرب إليها، نهض الأشاعرة للرد عليهم وتحجيمهم، فأصبح الأشاعرة أيديولوجيي الدولة الإسلامية في العصر العباسي الثاني وما تلاه. ومن قبل حين تكلم الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (83-148ه) أسس جعفر بكلامه أيديولوجية الدولة الشيعية، وقد كان للشيعة دورهم في نشأة علم الكلام وفي تطور مباحثه.
لقد تشكل علم الكلام كاستجابة للمشكل السياسي وللمتغيرات الحضارية التي لا تنفصل بدورها عن الفتوحات العسكرية والامتداد السياسي. «كانت المواقف السياسية يبحث لها عن سند عام في الدين، كان ذلك أولى الخطوات التنظيرية التي أسست ما سيطلق عليه فيما بعد «علم الكلام». إذن فعلم الكلام في حقيقته التاريخية لم يكن مجرد كلام في العقيدة، بل كان ممارسة للسياسة في الدين.»
19
على الإجمال؛ أتى علم الكلام القديم نتاجا لتفاعل ثلاثة مقومات، هي: العقائد، المعترك السياسي، العقل الفلسفي أو على الأقل النظري.
العقائد: أولا هي صلب الأيديولوجيا الإسلامية ونخاعها، وثانيا لا تكتسب الجماعة هويتها إلا من خلال الهوية السياسية، وبعد رسوخ مفهوم الدولة في العصر الحديث؛ فإن الأيديولوجيا الآن لا تنفصل البتة عن السياسة، ولا يتضح دورها إلا من خلالها، «وقد احتفظ مفهوم الأيديولوجيا دائما، ورغم التغيرات في محتواه، بنفس المعيار السياسي للحقيقة والواقع.»
ناپیژندل شوی مخ