طبیعت او د طبیعت وروسته: مواد، ژوند، خدای
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
ژانرونه
ونعني أنها لا تفعل خبط عشواء، بل على وتيرة واحدة أو قانون. فكذلك نقول: «إن الطبيعة لا تفعل بالاختيار، بل إنما تفعل أفاعيلها بالتسخير والطبع؛ فلا تتفنن حركاتها وأفاعيلها.»
5
وهكذا يقال: «طبيعي» في مقابل «اتفاقي»، وفي مقابل «إرادي» متى كان مصنوعا باختيار الإنسان، وفي مقابل «إرادي » متى كان مصنوعا بصناعة الحيوان ومطردا أو كالمطرد، بفعل الغريزة . فلا يبقى إلا أن «الطبيعة» مبدأ باطن للفعل والانفعال، وأن «الطبيعي» هو الصادر عن هذا المبدأ، على ما ذكرنا. ويتأيد هذا المعنى بملاحظة أن ما بالطبيعة قد يفسد، «فتكون الطبيعة علة الرد إلى الحال الطبيعية»،
6
كاستعادة الصحة واندمال الجروح.
وهذه المعاني جميعا تعود إلى اليقين بأن الطبيعة صنع عقل حكيم، وأن لكل موجود طبيعته، وأن للطبائع وأفعالها نظاما وحكمة، وأن «لا شيء معطل في الطبيعة»
7
بحيث لو صادفنا مذهبا فلسفيا يعتمد على الاتفاق أو المصادفة، حكمنا فورا ببطلانه لمخالفته لذلك المعنى العام للطبيعة الذي يبتدي للعقل بداهة، ويتبدى لكل عقل. وهذا هو الموقف الذي سنتخذه في هذا الكتاب، وندعمه بما نستطيع من الشواهد. (2) المذهب الآلي
لقد وجد هذا المذهب فعلا. فمنذ العهد الأول للفلسفة اليونانية، في القرن السادس قبل الميلاد، قال طاليس: إن المادة الأولى التي صنعت منها مختلف الأجسام، هي الماء؛ تتكاثف فيصير ترابا، ويتخلخل فيصير هواء، ويتخلخل الهواء فيصير نارا. وقال انكسمانس: بل هي الهواء، يتكاثف ويتخلخل. وقال هرقليطس: بل هي النار تتخلخل فتصير هواء فماء فترابا، فكل منهم عين مادة أولى، وادعى أن القوى الأخرى تحصل عنها، وأن الأجسام تحصل عن هذه القوى.
ثم تقدم المذهب خطوة حاسمة بفضل ديموقريطس: فقد اعتبر تلك الأصول الأربعة فروعا للمادة البحتة المجردة عن كل تعيين، الشبيهة بتلك التي نتصورها في العلم الرياضي حين نفكر في النقطة والخط والجسم، أي: امتدادا وحسب؛ وارتأى أن هذا الامتداد مؤلف من أجزاء غاية في الصغر حتى لا تدرك بالحواس، ولا تقسم إلى أصغر منها؛ تتحرك في الفضاء وتتقابل على أنحاء لا تحصى، فتأتلف في مجاميع هي الأجسام المنظورة الملموسة، وتفترق بفعل الحركة أيضا فتنحل تلك الأجسام ليتكون غيرها، وهكذا. واختلاف الأجسام في خصائصها يرجع إلى اختلاف تلك الجواهر أو الذرات المؤلفة لها عددا وشكلا ومقدارا وترتيبا بعضها من بعض. وبهذا الوصف صار المذهب أقرب إلى التمام، بل تاما، يمضي من البسيط غير المعين إلى المركب فالأكثر تركيبا، بينما الماء أو الهواء أو النار تعينات لا يدل على أصلها، فكأنها موضوعة وضعا.
ناپیژندل شوی مخ