طبیعت او د طبیعت وروسته: مواد، ژوند، خدای
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
ژانرونه
أجل إن الكيفية مصحوبة بحركة؛ أما الزعم بأنها محض حركة، فليس يمكن إثباته. الحركة أداة لنقل الكيفية - وقديما نبه أرسطو على لزومها للتغير الكيميائي المدعو استحالة - وللزيادة والنقصان في الأحياء، وهي عرض لا ينتقل بعينه، ولا يتحول إلى آخر، فإن الحركة حركة جسم، والحرارة حرارة جسم. والرأي الصواب أن لكل كيفية أثرا محركا نوعيا، أي خاصا بها تابعا لنوعها، كما يظهر في الحركات المؤثرة في الحواس الخمس والمحدثة الكيفيات فيها، وهذا الأثر المحرك النوعي يتنقل كيفية في المنفعل، ويجاوب عليه المنفعل بكيفية من نفس النوع. فالحرارة لا تنتقل، ولكنها تحدث حرارة في منطقة معينة؛ والحركة لا تنتقل، ولكنها تولد في الجسم المنفعل بها قوة على التحرك، ولكن الآليين لا يفهمون توليد الحركة وانتقال «معنى الكيفية» دون الكيفية نفسها، ويريدون دائما الاعتماد على المخيلة بدلا من العقل.
مسألة أخيرة خاصة بالأقسام الثلاثة الأولى للكيفيات: هل الكيفية قابلة للأكثر والأقل من حيث الشدة؟ لقد وجد من أنكروا ذلك لمغايرة الكيفية للكمية. غير أن التجربة تشهد أن العلم والفضيلة والقوة وما إليها تزداد أو تنقص. واعتقد أصحاب علم النفس الفيزيقي
psycho-physique
أنهم وجدوا نسبة أو تقابلا بين المؤثر والإحساس، وأن إحساسا ما يمكن أن يكون ضعف إحساس آخر أو ثلاثة أضعافه. والحقيقة أن الشدة كمية الكيفية، ولكنها لا تقاس مباشرة على نحو ما تقاس الكمية، لعدم وجود وحدة تتكرر في الزيادة والنقصان كما تتكرر وحدة الكمية، لا توجد «وحدة إحساس»، أي: إحساس ذو كمية معينة ثابتة تقدر بها الإحساسات. إذا كنا على يقين من شدة الكيفية، فليس باستطاعتنا تقديرها؛ وإذا لاحظنا أن الكيفيات التي تزيد وتنقص تدريجيا مرتبطة بالكمية والحركة المكانية، دون أن يمكن قياسها مع ذلك، فإن الكيفيات المعنوية، كالفضيلة والعلم، تزيد وتنقص بوثبات، فقياسها أقل إمكانا؛ وحينما نقسم بالوهم قوة ما إلى درجات، فنحن لا نقسم القوة نفسها إلى أجزاء متكثرة حقا، وإنما نعتبرها معادلة لكثير، وهذا يكفي لقياسها بصفة غير مباشرة، وذلك بآثارها المحسوسة، أو بالمضاهاة بينها وبين كيفية أخرى من نوعها، فيقال: «مساوية، أكبر، أصغر» أو بالمضاهاة بينها وبين نفسها في مراحل أخرى.
إلى هنا فرغنا من أعم مسألة في الفلسفة الطبيعية، وهي مسألة تكوين الأجسام على العموم والعلاقة بينها وبين لواحقها. وقد رأينا أن المذهب فيها ثلاثة، ولا يمكن أن تكون سوى ثلاثة: المذهب الآلي الذي يرد الطبيعة وما فيها إلى المادة البحتة والحركة؛ والمذهب الدينامي المنكر للمادة والحركة والمستعيض عنهما بالقوة وتصور الإنسان؛ والمذهب الهيولومور في الجامع بين المادة والحركة والقوة، كل بمقدار وتمييز دقيق لما يرتبط بها. والنتائج الكبرى لنظرية الهيولي والصورة هي تفسير الشواهد العامية والعلمية على ما يقتضي العلم الصحيح، ومعقولة الطبيعيات بما فيها من صور شبيهة بالمثل الأفلاطونية، وصون المعرفة عن التصويرية والشك اللتين يؤدي إليهما إنكار المادة من جهة وإنكار القوة من جهة أخرى. وفي البقية من هذا الكتاب شواهد عديدة قوية على صوابه.
هوامش
الفصل الثاني
الحياة النامية
(1) تعريف الحياة
موضوعات الفصل الأول بمثابة الأمور العامة بالنسبة للطبيعة بالإجمال، أي أعم المعاني المشتركة فيها جميع الأجسام، التي يجب أن تقدم على ما سواها في الفلسفة الطبيعية، كما أن الموضوعات التي عالجناها في كتاب «العقل والوجود» هي الأمور العامة بالنسبة للموجودات إطلاقا. فكل ما قلناه في الفصل الأول ينطبق على جميع الموجودات الطبيعية، فكأننا قد استوفينا الفحص عن الجماد. وفي الواقع كان كلامنا منصبا عليه في أكثره، وكانت استشهاداتنا مأخوذة منه في معظمها.
ناپیژندل شوی مخ