92
أفَلَتْ نُجُومُ سُعودِك ابنَ دُوَادِ ... وَبَدتْ نُحُوسُكَ في جميع إيَادِ فَرِحَتْ بمَصْرَعِكَ البَرِيَّةُ كُلُّها ... مَن كَان منهامُوقنًا بمعَادِ لم يَبْقَ منكَ سِوَى خَيَالٍ لامِعٍ ... فوق الفِرَاشِ مُمَهَّدًا بوِسادِ وَخَبتْ لَدَى الخلفاء نارٌ بَعْدَمَا ... قد كنت تَقْدحُهَا بكُلِّ زِنادِ اطْغاك يا ابنَ أبي دُوادٍ رَبُّنا ... فجَرَيْتَ في مَيْدَان إخْوةٍ عَاد لم تَخْشَ مِن رَبِّ السَّماءِ عُقوبَةً ... فسَنَنْتَ كلَّ ضَلالةٍ وفَسَادِ كمْ مِن كَريمةِ مَعشرٍ أرْمَلتها ... وَمُحَدِّث أوْثَقْتَ بالأقْيادِ كمْ من مَسَاجد قد مَنْعتَ قُضاتَها ... مِن أن تُعدّلَ شاهدًا برَشَادِ كم مِن مَصابيحٍ لهَا أطْفَيْتَهَا كيمَا تُزِلَّ عن الطَّريق الهَادي إن الأسارَى في السُّجُونِ تفَرَّجُوا ... لمَّا أتَتْكَ مَوَاكب العُوَّادِ وغَدَا لمَصْرَعك الطبيبُ فلم يجِدْ ... لعلاجِ مَابِكَ حِيلَةَ المُرْتادِ لاَزالَ فَالِجُكَ الذي بكَ دَائِمًا ... وفُجِعْتَ قبلَ الموتِ بالأوْلادِ وأبَا الوَليدِ رَأيْتَ في أكْتافِهِ ... سَوْطَ الخليفةِ مِن تِدَىْ جَلاَّدِ وَرَأيْتَ رَأسَك في الخُشوبِ مُعَلَّقًا ... فوقَ الرُّءوُسِ مُعَلِّما بسَوَادٍ قال الخطيب: وأبو الوليد هذا، هو ابن أحمد بن أبي دُواد، واتفق أنه مات هو وأبوه منكوبين، وكان بين وفاتيهما نحو شهر، هو في ذي الحِجة، سنة تسع وثلاثين ومائتين، وأبوه في المحرم، سنة أربعين ومائتين، يوم السبت، لتسع بقين منه. ومن شعر أحمد، وقد بلغه أن شخصًا هجا ابن الزيات الوزير بسبعين بيتًا، وقيل: إن ابن الزيات هو الذي قال السبعين بيتًا في هجو أحمد، فقال: أحْسَنُ من سَبْعين بَيْتًا هِجًا ... جَمْعُك مَعْناهُنَ في بَيْتِ مَا أحْوَجَ المُلْكَ إلى مَطْرَةٍ ... تغْسيلُ عَنْهُ وَضَرَ الزَّيْتِ فبلغ ابن الزيات ذلك، فقال: يَاذا الذي يَطْمَعُ في هَجْونا ... عَرَّضْتَ بي نفسَك للموْتِ الزيتُ لا يُزْرى بأحْسابنَا ... أحْسَابُنا مَعْرُفَةُ البَيْتِ قَيَّرْتُمُ المُلْكَ فلمْ يُنقِهِ ... حتى غسَلنا القارَ بالزَّيتِ وفي هذا إشارة إلى ما يقال من أنه كان في أجداد أحمد من يبيع القار. ومن مثختار شعر أبي تمام في مدحه قوله: أأحْمَدُ إنَّ الحاسِدينَ كثيرُ ومَالَك إن عُدَّ الكِرامُ نَظِيرُ حَلَلْتَ مَحلًا فاضلًا مُتقادِمًا ... مِنَ الفخرِ والمجدُ القديمُ فَخورُ وكُلُّ غنِيٍّ أوْ فقير فإنِّهُ ... إليكَ وإن نَالَ السَّماء فَقِيرُ إليكَ تَناهى المَجْدُ مِن كُلِّ وِجْهَةٍ يَصيرُ فما يَعْدُوكَ حيثُ تَصيرُ وبَدْرُ إيادٍ أنتَ لا يُنْكونه كذاك إيادٌ للأنام بُدُورُ تجنَّبْتَ أن تُدْعَى الأمِير تواضُعًا ... وأنت لمَن يُدْعى الأميرَ أميرُ فمَا مِن نَدى إلا إليكَ مَحَلَّهُ ... ولا رِفْعة إلا إليكَ تَسيرُ وقال أيضًا، من قصيدة في مدحه: أيَسْلُبُني ثَراء المالِ رَبِّي ... وأطلُبُ ذَاكَ مِن كَفٍّ جَمَادِ زعمتُ إذًا بَأنَّ الجُودَ أضْحى ... لهُ رَبٌ سوَى ابن أبي دُوَادِ ومن كلام أحمد الذي ينبغي أن يكتب بماء الذهب: ثلاثةٌ ينبغي أن يبجلوا وتعرف أقدارهم: العلماء، والولاة، والإخوان؛ فمن استخف بالعلماء أهلك دينه، ومن استخف بالولاة أهلك دنياه، ومن استخف بالإخوان أهلك مروءته. وحكى عنه ولده، أنه كان 'ذا صلى رفع يديه، وقال: مَا أنت بالسبب الضعيف وإنما ... نُجْحُ الأمور بقُوةِ الأسْبابِ اليوم حاجتنا إليك وإنما ... يُدعى اللبيب لساعةِ الأوصاب

1 / 92