وتقول في القضاة كذلك: القاضي فلان الدين، وتسرد الباقي، كما تقدم.
وتقول في الأمراء كذلك: الأمير فلان الدين، وتسرد الباقي، إلى أن تجعل الآخر وظيفته التي كان يُعرف بها قبل الإمرة، مثل الجاشكير، أو الساقي، أو غيرهما.
وتقول في أشياخ العلم: العلامة، أو الحافظ، أو المسند، فيمن عُمِّر وأكثر الرواية، أو الإمام، أو الفقيه، وتسرد الباقي إلى أن تختم الجميع بالأصُولي، أو النحوي، أو المنطقي.
وتقول في أصحاب الحرف: فلان الدين، وتسرد الجميع إلى أن تقول الحرفة إما البزاز، أو العطار، أو الخياط.
فإن كان النسب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قلت: القُرشي، التيمي، البَكري؛ لأن القرشي أعم من أن يكون تيميًا، والتيمي أعم من أن يكون من ولد أبي بكر ﵁.
وإن كان النسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قلت: القرشي، العدوي، العُمري.
وإن كان النسب إلى عثمان رضي الله تعالى عنه، قلت: القرشي، الأموي، العُثماني.
وإن كان النسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قلت: القُرشي، الهاشمي، العلوي.
وإن كان النسب إلى طلحة رضي الله تعالى عنه، قلت: القرشي، التيمي، الطلحي.
وإن كان النسب إلى الزبير رضي الله تعالى عنه، قلت: القرشي، الأسدي، الزبيري.
وإن كان النسب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، قلت القرشي، الزهري، السعدي.
وإن كان النسب إلى سعيد رضي الله تعالى عنه، قلت: القرشي، العدوي، السعيدي، إلا أنه ما نُسب إليه فيما عُلم.
وإن كان النسب إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قلت، القرشي، الزهري، العوفي، من ولد عبد الرحمن بن عوف.
وإن كان النسب إلى أبي عبيدة بن الجراح، قلت: القرشي، من ولد أبي عبيدة، على أنه ما أعقب.
هذا الذي ذكرته هنا هو القاعدة المعروفة، والجادة المسلوكة المألوفة، عند أهل العلم.
وإن جاء في الكتاب في بعض التراجم ما يُخالف ذلك من تقديم وتأخير، فإنما هو سبق من القلم، وذهول من الفكر، وما خالف الأصل يُرد إليه، ولا يعترض بعد وضوح الاعتذار عليه. والله أعلم.
تنبيه
كلما رفعت في أسماء الآباء والنسب وزدت انتفعت بذلك، وحصل لك الفرق. فقد حكى أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، قال: حججت في سنةٍ، وكنت بمنى أيام التشريق، فسمعت مُناديًا يُنادي: يا أبا الفرج. فقلت: لعله يريدني، ثم قلت: في الناس كثير ممن يُكنى أبا الفرج، فلم أجبه، فنادى: يا أبا الفرج المُعافى. فهممت بإجابته، ثم قلت: قد يكون من اسمه المعافى وكنيته أبو الفرج. فلم أجبه. فنادى يا أبا الفرج المُعافى بن زكريا النهرواني. فقلت: لم يبق شك في مناداته إياي؛ إذ ذكر كنيتي، وأسمي، وأسم أبي، وبلدي، فقلت: ها أنا ذا، فما تريد؟ فقال: لعلك من نهروان الشرق؟ فقلت: نعم.
فقال: نحن نريد نهروان الغرب.
فعجبت من اتفاق ذلك. انتهى.
وكذلك الحسن بن عبد الله العسكري أبو هلال، صاحب كتاب " الأوائل "؛ والحسن بن عبد الله العسكري أبو أحمد اللغوي صاحب كتاب " التصحيف " كلاهما الحسن بن عبد الله العَسكري، الأول موجودًا في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، والثاني توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، فاتفقا في الاسم، واسم الأب، والنسبة، والعلم، وتقاربا في الزمان، ولم يُفرق بينهما إلا بالكنية؛ لأن الأول أبو هلال؛ والثاني أبو أحمد، والأول ابن عبد الله بن سهل ابن سعيد والثاني ابن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل؛ ولهذا كثير من أهل العلم بالتاريخ لا يفرقون بينهما، ويظنون أنهما واحد.
ومثل هذا كثير جدًا. وفي هذا القدر كفاية. والله تعالى أعلم.
فصل
في معرفة أصل الوفاة من حيث اللغة
وفي ذكر فائدتها في التواريخ
1 / 8