طبقات سنيه
الطبقات السنية في تراجم الحنفية
ژانرونه
ژوندليکونه او طبقات
نَذَرْتُ عَلى فيه صِيَامَ حَوْلٍ ... فإن وَجَب الرِّضا وجبَ الصِّيامُ
وهذا جعفرٌ بالجِسْرِ تَمْحُو ... مَحاسِنَ وجهِهِ ريحٌ قَتَامُ
أقول له وقُمْتُ لَدَيْه نَصًا ... إلى أن كاد يَفْضَحُنِي القِيامُ
أما والله لولا خوفُ واشِ ... وعينٍ للخليفةِ لا تَنامُ
لَطُفْنَا حَوْلَ جِذْعِك واسْتَلَمْنا ... كما لِلْناسِ بالحَجَرِ اسْتِلامُ
قال: فأطرق هارون مليًا، ثم قال: رجل أولي جميلًا، فقال فيه جميلًا، يا غلام، نادِ بأمان أبي قابوس، وأن لا يُتعرض له. ثم قال لحاجبه: إياك أن تحجبه عني، صرمتي شئت إلينا في مهمك.
وروى ابن عساكر بسنده، من طريق الدارقطني، أنه لما أصيب جعفر، وجدوا له في جرة ألف دينار، زنة كل دينار مائة دينار، مكتوب على صفحة الدينار الواحدة جعفر، ومكتوب على الصفحة الأخرى هذان البيتان:
وأَصْفَر مِن ضَرْبِ دارِ المُلوكِ ... يَلُوحُ على وجهه جعفرُ
يَزيدُ علَى مائةٍ واحدًا ... متى يُعْطَه مُعْسِرٌ يُوسِرُ
وروى الخطيب أن جعفرًا أمر أن تُضرب له دنانير في كل دينار ثلاثمائة مثقال، ويضرب عليها صورة وجهه، فضربت، فبلع أبا العتاهية، فأخذ طبقًا فوضع عليه بعض الألطاف، فوجه به إلى جعفر، وكتب إليه رُقعة، في آخرها:
وأَصْفَر من ضَرْبِ دارِ المُلوكِ ... يلُوحُ على وجهه جعفرُ
ثلاث مئِينَ يُرى وَزْنُه ... متى يَلْقَه مُعْسِرٌ يُوسِرُ
فأمر بقبض ما على الطبق، وصير عليه دينارًا من تلك الدنانير، ورده إليه.
وعن ثمامة بن أشرس، قال: بت ليلة مع جعفر بن يحيى بن خالد، فانتبه من منامه يبكي مذعورًا، فقلت: ما شأنك؟ قال: رأيت شيخًا جاء فأخذ بعضادتي هذا الباب، وقال:
كأن لَمْ يَكُنْ بينَ الْحَجُونِ إلى الصَّفَا ... أنيسٌ ولم يَسْتَمِرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ
قال: فأجبته:
بَلَى نحن كُنا أهلها فأبادَنا ... صُرُوفُ اللَّيالي والجُدُودُ العَواثِرُ
قال ثمامة: فلما كان الليلة المُقبلة، قتله الرشيد، ونصب رأسه على الجسر.
قال: ثم خرج الرشيدُ في بعض الأيام ينظرُ إليه وهو مصلوب، فأنشأ يقول:
تَقَاضاكَ دَهْرُك ما أَسْلَفا ... وكَدَّرَ عَيْشَك بعدَ الصَّفا
فلا تَعْجَبَنَّ فإنَّ الزَّمانَ ... رَهِينٌ بتَفْريقِ ما ألَّفَا
قال: فنظرتُ إلى جعفر، فقلتُ: أما لَئن أصبحت آية، فلقد كنت في الخير غاية.
قال: فنظر الرشيدُ كأنه جملٌ يصولُ، ثم أنشأ يقول:
ما يَعْجِبُ العالَمَ من جعفرٍ ... ما عايَنُوه فبِنَا كانَا
من جعفرٌ أو من أبُوه ومَنْ ... كانتْ بنو بَرْمَكَ لَوْلانَا
ثم حول وجه فرسه، وانصرف.
وعن محمدبن عبد الرحمن الهاشمي صاحب صلاة الكوفة، قال: دخلتُ على أمي في يوم أضحى، وعندها امرأة برزةٌ: في أثواب دنسة رثة، فقالت لي: تعرف هذه؟ قلت: لا. قالت: هذه عبادة أم جعفر بن يحيى. فسلمت عليها، ورحبت بها، وقلت لها: يا فلانة، حدثيني ببعض أمركم.
قالت: أذكر لكم جملة كافية لمن اعتبر، وموعظة لمن فكر، لقد هجم علي مثل هذا العيد، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة، وأنا أزعم أن جعفرًا ابني عاق لي، ولقد أتيتكم هذا اليوم والذي يقنعني جلدًا شاتين، أجعل أحدهما شعارًا، والآخر دثارًا.
ولنختم أخبار البرامكة بحكاية عجيبة، وقصة غريبة، لا يسمع في باب المكارم مثلها، ولا في أخبار الوفاء بأعجب منها.
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي، في كتابه " المنتظم "، أن المأمون بلغه أن رجلًا يأتي في كل يوم إلى قبور البرامكة، فيبكي عليهم، ويندبهم، فبعث من جاءه به، فدخل عليه وقد يئس من الحياة، فقال له: ويحك، ما حملك على صنيعك هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنهم أسدوا إلي معروفًا، وخيرًا كثيرًا، ولي خبر يطول. فقال: قل.
1 / 209