158
لَقَد سُرَّسِرُّ الدَّرْجِ لمَّا حَلَلْتَهُ ... ولِمْ لاَ ومِنْ مَرْآكَ قد فاز بالوَصْلِ
٤١٩ - أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن عبد الواحد، الإمام
الأديب، أبو العباس، شهاب الدين
الشهير بابن أبي حجلة
ذكره ابن حجر، في " إنماء لغمر "، فقال: ولد بزاوية جده بتلمسان، سنة خمس وعشرين وسبعمائة، واشتغل.
ثم قدم إلى الحج فلم يرجع، ومهر في الأدب، ونظم الكثير، ونثر فأجاد، وترسل ففاق، وعمل " المقامات "، وغيرها.
وكان حنفي المذهب، حنبلي المعتقد، وكان كثير الحط على الاتحادية، وصنف " كتابًا " عارض قصائد ابن الفارض بقصائد كلها نبوية، وكان يحط عليه، لكونه لم يمدح النبي ﷺ، ويحط على نحلته ويرميه، ومن يقول بمقالته، بالعظائم، وقد امتحن بسبب ذلك على يد السراج الهندي.
قال، أعني ابن حجر: قرأت بخط ابن القطان، وأجازنيه: كان ابن أبي حجلة يبالغ في الحط على ابن الفارض، حتى إنه أمر عند موته، فيما أخبرني به صاحبه أبو زيد المغربي، أن يوضع الكتاب الذي عارض به ابن الفارض، وحط عليه فيه، في نعشه، ويدفن معه في قبره، ففعل به ذلك.
وقال: وكان يقول للشافعية: إنه شافعي. وللحنفية: إنه حنفي. وللمحدثين: إنه على طريقتهم.
قال: وكان بارعًا في الشعر، مع أنه لا يحسن العروض، وعارض " المقامات " فأنكروا عليه.
وكان كثير العشرة للظلمة، ومدمني الخمر.
قال: وكان جده من الصالحين، فأخبرني الشيخ شمس الدين بن مرزوق، أنه سُمي بأبي حجلة، لأن حجلة أتت إليه، وباضت على كمه.
وولي مشيخة الصهريج الذي بناه منجك.
وكان كثير النوادر، والنكت، ومكارم الأخلاق.
ومن نوادره، أنه لقب ولده جناح الدين.
وجمع مجاميع حسنة؛ منها " ديوان الصبابة "، و" منطق الطير "، و" السجع الجليل، فيما جرى من النيل "، و" السكردان "، و" الأدب الغض "، و" أطيب الطيب "، و" مواصيل المقاطيع "، و" النعمة الشاملة، في العشرة الكاملة "، و" حاطب ليل " عمله: ك " التذكرة " في مجلدات كثيرة، و" نحر أعداء البحر "، و" عنوان السعادة، ودليل الموت على الشهادة "، و" قصيرات الحجال "، وغير ذلك.
وهو القائل:
نظمي عَلاَ وأَصْبَحَتْ ... ألفاظه مُنَمَّقَهْ
فكلُّ بيتٍ قلتهُ ... في سطحِ داري طَبَقَهْ
ومن شعره أيضًا:
الطَّرْفُ مِنْ فَقْدِ الكَرَى ... يَشْكُو الأَسَى إلَيهِ
والخَدُّ من فَرْطِ البُكَا ... يا ما جَرَى عليْهِ
ومنه في صيرفي:
يا سائِلًا عن حالتي ما حالُ مَنْ ... أمسى بعيدَ الندارِ فاقدَ إلْفِهِ
بي صَيْرَفيٌ لا يَرِقُّ لِحالَتِي ... قد مُتُّ مِن جُورِ الزمانِ وَصَرْفِهِ
ومنه في بادهنج:
وبادَهَنْجٍ لا خَلَتْ ... دِيارُنا مِن حِسِهِ
كأَّنَهُ متَيَّمٌ ... يلقَى الهوى بتَفْسِهِ
ومنه أيضًا:
يا بَادَ هَنْجِي لا بَرِحْتَ من الهوى ... مِثلي على حُبِّ الديارِ مُوَلِّها
داري بحُبِّك لم تزلْ مَعْشُوقةً ... خُلِقَتْ هواك كما خُلِقْتَ هَوى لها
ومنه أيضًا، مضمنًا أيضًا:
هَجا الشعراء جَهْلًا بادَهَنْجِي ... لأن نسميه أبدًا عَلِيلُ
فقال البَادَهَنْجُ وقد هَجُوْهُ ... إذا صحَّ الهوى دَعْهُم يقُولُوا
ومنه أيضًا في شاذروان:
وَشَاذَرْوان ماءٍ باتَ يَجْرِي ... كَعَيْنِ الصَّبِّ رُوِّعَ يومَ بَيْنِ
إذا ما قيل جُدْ بالْما سرِيعًا ... يقول: نَعَمْ علَى رأسي وعَيْني
وقال، مضمنًا:
قُل للهلال وغَيْمُ الأُفقِ يَسْتُرُهُ ... حكيتَ طَلْعةَ مَن أهواهُ بالْبَلَجِ
لَكَ البِشارةُ فاخلعْ ما عليك فقدْ ... ذُكِرْتَ ثمَّ على ما فيك من عوجِ
وله أيضًا:
قالت وقد أنكرت سقامي ... لم أر ذا السقْمَ يومَ بَيْنِكْ
لكِنْ أصبابك عينُ غَيْري ... فقلتُ لا عَيْنَ بعدَ عَيْنِكْ
وله أيضًا:
أَمُعَطِّلَ الكاسَاتِ عن عُشاقِها ... يكفيكَ بالتعطيل عَيْبًا عائِبًا

1 / 158