114
فقلتُ مُجيبًا عن مَقَالتهمْ وقد ... غَدَوْتُ بجَهلٍ منهُمُ أتعجَّبُ
إذا استدرك الإنسان مَافاتَ مِن عُلًا ... فلِلْحَزْمِ يُعزَى لا إلى الجهلِ يُنسَبُ
وكان قد تقدم في الفقة والنحو واللغة.
ودرس، وناب في الحكم.
وله على " الهداية " " تعليق "، شرع فيه، وشرع أيضًا في الجمع بين " العباب "، و" المُحكم " في اللغة، وجمع كتابًا حافلًا سَماه " الجمع المتناه، في أخبار اللغويين والنحاة ".
قاله ابن حجر، وقال: رأيت منه الكثير بخطه، من ذلك مُجلدة في المحمدين خاصة.
وذكر السيوطي، أنها عشر مجلدات.
قال: وكانه مات عنها مسودة، فتفرقت شذر مذر.
ومن تصانيفه " شرح كافية ابن الحاجب "، و" شرح شافيته "، و" شرح الفصيح "، و" التذكرة " ثلاث مجلدات، سماها " قيد الأوابد ".
قال السيوطي: فلما وقفت على كتاب من الكتب الأدبية، من شعر، وتاريخ، ونحو ذلك، إلا وعليه ترجمة مُصنف ذلك الكتاب بخط ابن مكتوم هذا.
قال: وجمع من " تفسير أبي حيان " مجلدًا، سماه " الدر اللقيط من البحر المحيط "، قصره على مباحث أبي حيان، مع ابن عطية، والزمخشري.
ومن شعره:
نَفَضْتُ يَدي من الدنيَا ... ولمْ أضْرَعْ لمَخْلوقٍ
لِعِلمِي أن رِزقيَ لا ... يُجَاوِزُني لمَرزُوق
ومَن عَظمَتْ جَهَالتُه ... يرى فِعْلى مِن الموُقِ
ومنه أيضًا قوله:
مَا عَلى العَالِمِ المُهَذَّبِ عارٌ ... إنْ غَدا خَاملًا وذوالجهْلِ سامِ
فاللبابُ الشَّهِيُّ بالقِشْرِ خَافٍ ... ومَصُونُ الثِّمارِ تحت الكِمامِ
ومنه أيضًا:
ومُعَذَّرٍ قال العذُولُ عليه لي ... شَبِّهْهُ واحْذَرِ مِن قُصُورٍ يَعتْتَرِى
فأجبْتُه هو بانةٌ من فَوْقِها ... قَمَرٌ يُحَفُّ بِهَالةٍ منْ عَنْبَرِ
ومنه أيضًا قوله:
تغافلْتُ إذْ سَبَّني حَاسِدٌ ... وكنتُ مَلِيًّا بإرْغامِهِ
ومَا بِيَ من غَفْلةٍ إنَّمَا ... أرَدْتُ زِيادَةَ آثامِهِ
وكانت وفاته في الطاعون العام، في شهر رمضان، سنة تسع وأربعين ووسبعمائة، رحمه الله تعالى.
٢٣٣ - أحمد بن عبد القادر بن محمد
ابن طريف - بالطاء المهملة كرغيف -
شهاب الدين، أبو محيي الدين، الشاوي
- بالشين المعجمة - القاهري
ولد في سنة أربع وتسعين وسبعمائة - كما رواه السخاوي مكتوبًا بخطه وصححه - بالقاهرة، ونشأ بها، فحفظ القرآن، و" مقدمة أبي الليث "، والكثير من " المجمع ".
واسمع على ابن أبي المجد، والتنوخي، والعراقي، والهيثمي.
وسمع على الحلاوي، وغيره.
وأجاز له أبو حفص البالسي، وغيره، ولزم التقي الشمني، وحضر دروسه.
وحدث ب " البخاري " وغيره، وسمع منه الفضلاء.
وصار بأحرة فريد عصره.
وكان خيرًا، قانعًا، باليسير، مُحبًا في الطلبة، صبورًا عليهم، متوددًا إليهم، حافظًا لنكت ونوادر وفوائد لطيفة، ذا همة وجلادة على المشي، مع تقدمه في السن.
ومتع بحواسه، إلى أن مات، في ليلة الخميس، ثامن عشر ذي القعدة، سنة أربع ةثمانين وثمانمائة، وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر.
ونزل الناس بموته في " البخاري " بالسماع المتصل درجة. رحمه الله تعالى.
٢٣٤ - أحمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد
ابن أنوشروان التبريزي الأصل، شهاب الدين
أبو العباس، المعروف بابن المكوشت
قال ابن حجر: اشتغل في مذهب أبي حنيفة، ومهر وتقدم، وقال الشعر الحسن.
وقدم دمشق، فأفاد بها، وجلس مع الشهود بباب المسمارية.
سمع منه، من نظمه، الحافظان بهاء الدين ابن خليل، وصلاح الدين العلائي، ووصفه العلائي بالعلم، والفضل، والأدب. انتهى.
وذكره ابن خطيب الناصرية، في " تاريخه " المنتقى من " تاريخ ابن حبيب "، فقال: فقيهٌ علمه نافع وقربه مختار، وأديب كتابته تخفى بأوراقها محاسن الأزهار.
كان حسن الهيئة والمحاضرة، حريصًا على المسألة بعيدًا عن المنافرة، ذا سمت جميل، وفضل جزيل، وحال مضبوط، ويد في الشروط، وقصائد نظمها متسق، وفوائد برقها في سماء الأدب مؤتلق.
وهو القائل من أبيات:

1 / 114