لقد أجرين على الناس ما كان شاردا بحرز الأماني، وهناهم نيل مقصودهم بوجه التهاني، فيا لها من تهنئة شرفت بها النفوس وبركت، واهتزت طربا عند سماعها وسمت، ألحقت الصغار بالكبار في حفظ مذاهب أئمة الأمصار، فالشكر لله على هذه المنة، فقد ضمن مصنفها لقارئها الجنة، وضمان الصالحين عند الله مضمون مقبول.
قال ابن رشيد: رواها الناس عنه واستعملوها، وهي لمن ألفها وأنس بها من أنفع شيء وأيسره في ذكر خلاف السبعة، مع تنبيهات ونكت ضمنها إياها، وإشارات إلى اختيارات الأئمة، وما انفرد به إمام من المصنفين عن غيره جزالة ألفاظها وغرابة مقاصدها، وكان أديبا بارعا خاشعا ورعا، روى عنه/ الخطيب أبو بكر محمد بن الخطيب الحاج أبي القاسم بن وضاح، لقيه في رحلته إلى الحج، والأستاذ أبو القاسم بن الحداد التونسي وغيرهما، وذكره الحافظ أبو عمرو بن عات وأثنى عليه، وكان قد صحبه بمصر، وروى عنه كتابه المحدث المفيد أبو العباس العزفي السبتي، ونقل من خطه. ذكر أبو محمد (١) القاسم اللّورقي في شرح القصيد أن أبا القاسم بن فيّره نظم «المقنع في خط المصحف» في قصيدة شهرت «بالرائية».
قال: وكان رجلا صالحا صدوقا في القول مجدا في الفعل، ظهرت عليه كرامات الصالحين كسماع الأذان بجامع مصر وقت الزوال من غير المؤذنين، وكان يعذل أصحابه في أشياء لم يطالعوه عليها.
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة، ومات يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الأولى، سنة تسعين، ودفن في مقبرة البيساني، وذكر الشيخ الإمام العلامة علم الدين السخاوي أنه دفن يوم الاثنين بالمقبرة المذكورة.
قال: وتعرف تلك الناحية بسارية، وصلى عليه أبو إسحاق المعروف بالعراقي إمام جامع مصر يومئذ ﵁ وأرضاه، هذا آخر كلام ابن رشيد ﵀.
_________
(١) ليست في الأصل، والمثبت من «معرفة القراء الكبار» (ص/ ٦٦٠)، و«غاية النهاية» (٢/ ١٥).
1 / 62