وبلغنا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قدم عليه وفد من البربر ، من لواته ارسلهم إليه عمرو بن العاص وهم محلقو الرؤوس واللحا ، فقال لهم عمر من أنتم قالوا من البربر من لواته ؟ فقال عمر لجلسائه : هل فيكم من يعرف هذه القبيلة في شئ من قبائل العرب والعجم ، قالوا : لا ، قال : العباس بن مرادس السلمى عندى منهم علم يا أمير المؤمنين هؤلاء من ولد بنى قيس ، وكان لقيس عدة من الاولاد ، أحدهم يسمى بربر بن قيس ، وفى خلقه بعض الرعونة فقال : اخرق ذات مرة فخرج إلى البرارى فكثر بها نسله وولده ، فكانت العرب تقول تبربروا أى كثروا فنظر إليه عمرو بن الخطاب رضى الله عنه فاستحضر ترجمانا يترجم كلامهم ، فقال لهم مالكم محلقو الرؤوس واللحا ؟ فقالوا شعر نبت في الكفر ، فاحببنا ان نبدله بشعر ينبت في الاسلام ، فقال هل لكم مدائن تسكنونها فقالوا : لا ، قال : فهل لكم حصون تتحصنون فيها ؟ قالوا : لا فقال : هل لكم اسواق تتبايعون فيها ؟ قالوا : لا ، قال : فبكى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقال له جلساؤه وما يبكيك يا أمي المؤمنين ؟ قال عمر أبكاني قلة هذه العصابة من المسلمين ، واجتماع أمم الكفر عليها ، فان الله تعالى سيفتح للاسلام بابا من المغرب بقوم يعز بهم الاسلام ويذل بهم الكفر ، أهل خشية وبصائر يموتون على ما أبصروا ، وليست لهم مدائن يسكنون فيها ولا حصون يتحصنون فيها ، ولا أسواق يتبايعون فيها ، فلذلك بكيت الساعة . حين ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ن وما ذكر من الفضل عليهم فردهم إلى عمرو بن العاص وأمره ان يجعلهم في مقدمات العسكر ، واحس إليهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأكرمهم ، وأمرمهم ، وامر عمرو بن العاص أن يحس إليهم ، فكانوا مع عمرو بن العاص حتى قتل عثمان ، فلما كان هذا الخبر في عصابة من أهل المغرب عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجونا أن يكونوا أئمتنا ومن اقتفى آثارهم وأن يكونوا أهل تلك الفضيلة .
مخ ۱۸