طبقات مشایخ په مغرب کې
طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
ژانرونه
(( يا أهل مكة تعيرونني بأصحابي وتزعمون انهم شباب، وهل كان أصحاب رسول الله إلا شباب؟ نعم، شباب مكتهلون عمية عن الشر أعينهم ناكبة عن الباطل أرجلهم انضاء (1) عبادة، وأطلاح سهر قد نظر الله إليهم في جوف الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مر أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى تشوقا إليها، وإذا مر بآية فيه ذكر النار شهق شهقة، كأن زفير جهنم في أذنيه، وصلوا كلال ليلهم بكلال نهارهم، أنضاء عبادة، قد أكلت الأرض جباههم وأيديهم وركبهم، مصفرة ألوا نهم، ناحلة أجسامهم من طول القيام، وكثرة صيامهم، يستقلون ذلك في جنب الله، موفون بعهده، منجزون لوعده، إذا رأوا سهام العدو قد فوقت(2) ، ورماحهم قد أشرعت وسيوفهم قد انصلتت وأبرقت الكتيبة، وأرعدت بصواعق الموت، استهانوا بوعيد الكتيبة لوعد الله، فمضى الشاب منهم قدما حتى تخلف رجلاه عن عنق فرسه، وقد رملت محاسن وجهه الدماء وعفر جبينه التراب، وأسرعت إليه سباع الأرض و انحطت إليه سباع الطير، فكم من عين في منقار طائر طالما بكى صاحبها من خشية الله! وكم من كف بانت من معصمها، طالما اعتمد عليها صاحبها في ركوعه وسجوده! وكم من خد عتيق رقيق قد فلق بعمد الحديد! -رحمه الله- على تلك الأبدان وأدخلهم بفضله في الجنان - ثم قال - الناس منا ونحن منهم، إلا عابد وثن وكفرة الكتاب، وإمام جائر. قلت: وقد حذف راويها منها كثيرا مما خاطب به أهل مكة من أنواع التقريع بما أقام عليهم الحجة وقطع العذر فأثبتت ما أثبته بحسبه.
----------------------
(1) جمع نضو وهو الضعيف الرقيق الجسم، وأطلاح جمع طلح من خلا جوفه من الطعام.
(2) من أفاق السهم وفوقه وضع فوقه في الوتر ليرمي به.
مخ ۵۹