طبقات مشایخ په مغرب کې
طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
ژانرونه
الأحاديث المنتحلة فيه والرد عليها وحرقوص هذا هو الذي ينتحل"1" أحاديث لا يبعد أن تكون مصنوعة فإن فيها ما يدل على سقمها لتناقض مثبوتها، ولكن أكثرها منتحل، ورواها على طرق، فمنها ما نسب إليه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم خيبر: (ما عدلت منذ اليوم) فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: ألا أقتله يا رسول الله؟ فقال: إنه يكون لهذا أو لأصحابه نبأ، ومنها ما نسب إليه أنه لما قال ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويحك فمن يعدل إن لم أعدل؟ ثم قال لأصحابه واحدا بعد واحد: أيكم يقتله؟ فقال له الأول: وجدته راكعا، وقال الثاني: وجدته ساجدا، وقال الثالث: لم أجده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قتل هذا ما اختلف في الله اثنان، ومنها أنه قال وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا ورد عليه بين أربعة من المؤلفة قلوبهم، فزعموا أنه قال: "لقد رأيت قسمة لا أريد بها وجه الله" فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورد خده، ثم قال: أمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنني؟! فقام عليه عمر -رحمه الله- فقال: ألا أقتله يا رسول الله؟ فقال:" سيكون من ضئضئ"2" ، هذا أقوام تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الدين -إلى قوله- وتتمارى في الفوق" ففي هذه الأخبار دلائل على سقمها من أوجه كثيرة، أحدها: أنه لو صح عنه أنه غير عدل إذ قال ما عدلت منذ اليوم ما آمن ولا أقام على دينه ولا صلى إلى قبلته، والثاني: لو صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه خاض بالطعن في النبوءة لما أهمله، ولكان هو المبتدر إلى قتله، ولم يكله إلى غيره، الثالث: أنه لو صح ذلك عند عمر رضي الله عنه وأنه من المأمورين بقتله، وأعلمه أنه مارق من الدين فكيف يستعين به على الجهاد؟ وهو أعظم أركان الدين، فيجعله أميرا على جنوده المؤمنين، وظهيرا على قتال الكافرين، الرابع: أنه لو صح عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك وأنهم مأمورون بقتله لم يتراخوا في قتله، بل يجعلونه أوكد فرائضهم، فكيف تسامحوا حتى خرج ثم لم يكترثوا به، الخامس: أنه صلى الله عليه وسلم منزه عن أن ينتسب إلى كلامه الغلو والمجازفة ، حتى يقول لو قتل هذا ما اختلف في الله اثنان، فيلزم على هذا أن تكون حياة حرقوص سببا لكفر اليهود والنصارى، والصابين والمجوس، وعبدة الأوثان، والمعطلة والزنادقة وغيرهم، وهذا من المحال الذي ينكره الحس ويأباه العقل، ويقوى الدليل على بطلانه، إذ لو شاء لضلوا جميعا قبل وجود حرقوص وبعد موته، لكنهم (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) (هود:118-119) فقد اتفقوا واختلفوا وبينهم من هو خير من حرقوص وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اتفقوا واختلفوا وفيهم شر منه وهو أبو جهل، لعنه الله، فهذا يبعد أن يكون من كلام من لا ينطق عن الهوى، السادس انه قد شهد من ضئضه من حرق القرآن قلبه، وصدع كبده فضلا عن مجاوزة الحنجرة وشوهد من مخاليفهم من لا يصل لسانه فضلا عن الحنجرة، أعنى في العمل به والامتثال لأوامره، والانتهاء عن مناهيه، السابع ذكر المروق. فرأيك أعلم بالمارق وباللص السارق، وقد حقق كثير منهم ممن عامل بالأنصاف أن القوم إنما قاتلوا هروبا من اتباع الهوى واطراحا لزهرة الحياة الدنيا ورغبة فيما يرجونه عند الله في الدار الآخرة، وفيها أدلة كثيرة غير ما ذكرناه، فحرقوص مبرأ مما قالوه، ومما إليه نسبوا.
---------------------
مخ ۶