«ولم يكن علم السنة مأخوذًا عندهم، إلا من «جامع» معمر بن راشد - وهو مصنف في صنعاء - و«جامع» سفيان بن عيينة، وجامع أبو قرة اللحجي، وأيضًا من المرويات عن مالك في الموطأ وغيره، مثل كتاب أبي مصعب الزهري، ومما يروى عن طاووس وابنه والحكم بن أبان وقدماء فقهاء اليمن» (^١).
ثم دخلت مصنفات الشافعية إلى هذه البلاد، وتفقه بها العلماء، واشتغلوا بالتأليف حولها من تهذيب واختصار وشرح وغير ذلك، «وكان أهل اليمن في المائة الخامسة وما قبلها يتفقهون بكتاب المزني، وبالرسالة للإمام الشافعي، وبمصنفات القاضي الطبري، وكتاب ابن القطان، ومجموع المحاملي، وشروح المزني المشهورة، وبالفروع لسليم بن أيوب الرازي (^٢)». وذلك قبل أن يدخل إليهم كتاب «المهذب» لأبي إسحاق الشيرازي، الذي لم يصل إليهم في اليمن، إلا في آخر المائة الخامسة (^٣)، فكان معتمدهم في الفقه والفتيا.
ومن المؤكد أن أغلب مصنفات الشافعية من أهل اليمن التي لم تعرف، كانت موجودة عندهم، ومتداولة بينهم، إلا أنها لم تعرف ولم تشتهر خارج بلادهم، ككتب اليمنيين جميعًا، تحت ظروف خاصة بهم وبعزلتهم.
ولقد كان هدف المؤلف في هذا الكتاب، أن يبين «وجه اتصال الفقه برسول الله ﷺ، مع ما يندرج فيه من ذكر تأريخ فقهاء اليمن وغيرهم (^٤)».
ولا ريب أن المؤلف قد أستطاع أن يبلغ غرضه من هذا المنهج بعناية وتحقيق، وأضاف إلى ما أورد من تراجم، الكثير من المعلومات التاريخية الهامة، وبخاصة في أحداث العصر الذي عاش فيه، مما لا يوجد عند غيره من المؤرخين، إلا من أخذ عنه أو نقل منه.
_________
(^١) ص ٧٤.
(^٢) ص ١١٨ من الكتاب.
(^٣) ص ١٢٦.
(^٤) ص ١٤٢.
المقدمة / 7