87

طبیعت استبداد او مبارزه استعباد

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

خپرندوی

المطبعة العصرية

د ایډیشن شمېره

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

د خپرونکي ځای

حلب

ومقاومتهم للرشد والإرشاد، مثل تلك الهوام التي تترامى على النار، وكم هي تغالب من يريد حجزها على الهلاك. ولا غرابة في تأثير ضعف الأجسام على الضعف في العقول، فإنَّ في المرضى وخفّة عقولهم، وذوي العاهات ونقص إدراكهم، شاهدًا بيّنًا كافيًا يُقاس عليه نقص عقول الأُسراء البؤساء بالنسبة إلى الأحرار السعداء، كما يظهر الحال أيضًا بأقلّ فرق بين الفئتين، من الفرق البيّن في قوة الأجسام وغزارة الدّم واستحكام الصحة وجمال الهيئات. ربما يستريب المطالع اللبيب الذي لم يُتعب فكره في درس طبيعة الاستبداد، من أنَّ الاستبداد المشؤوم كيف يقوم على قلب الحقائق، مع أنَّه إذا دقّق النظر يتجلى له أنَّ الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان. يرى أنَّه كم مكّن بعض القياصرة والملوك الأولين من التلاعب بالأديان تأييدًا لاستبدادهم فاتَّبعهم الناس. ويرى أنَّ الناس وضعوا الحكومات لأجل خدمتهم، والاستبداد قلب الموضوع، فجعل الرعية خادمة للرعاة، فقبلوا وقنعوا. ويرى أنَّ الاستبداد ما ساقهم إليه من اعتقاد أنَّ طالب الحقِّ فاجرٌ، وتارك حقّه مطيع، والمشتكي المتظلِّم مفسد، والنّبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح أمين. وقد اتَّبع الناس الاستبداد في تسميته النصح فضولًا، والغيرة عداوة، والشّهامة عتوًّا، والحمية حماقة، والرحمة مرضًا، كما جاروه على اعتبار أنَّ النِّفاق سياسة، والتحيُّل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة.

1 / 97