165

طبیعت استبداد او مبارزه استعباد

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

خپرندوی

المطبعة العصرية

د ایډیشن شمېره

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

د خپرونکي ځای

حلب

٣ - يجب قبل مقاومة الاستبداد، تهيئة ما يُستَبدَل به الاستبداد. هذه قواعد رفع الاستبداد، وهي قواعد تُبعد آمال الأسراء، وتسرُّ المستبدّين؛ لأنَّ ظاهرها يؤمنِّهم على استبدادهم. ولهذا أذكِّر المستبدّين بما أنذرهم الفياري المشهور؛ حيثُ قال: "لا يفرحنَّ المستبدُّ بعظيم قوَّته ومزيد احتياطه، فكم جبّارٍ عنيدٍ جُنِّد له مظلومٌ صغير"، وإني أقول: كم من جبّار قهّار أخذه الله أخذ عزيزٍ منتقم. مبنى قاعدة كون الأمَّة التي لا يشعر أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحقُّ الحريّة هو: إنَّ الأمَّة إذا ضُرِبَت عليها الذِّلَّة والمسكنة، وتوالت على ذلك القرون والبطون، تصير تلك الأمَّة سافلة الطِّباع حسبما سبق تفصيله في الأبحاث السَّالفة، حتى إنَّها تصير كالبهائم، أو دون البهائم، لا تسأل عن الحرية، ولا تلتمس العدالة، ولا تعرف للاستقلال قيمة، أو للنظام مزية، ولا ترى لها في الحياة وظيفة غير التابعية للغالب عليها، أحسنَ أو أساء على حدٍّ سواء، وقد تنقم على المستبدِّ نادرًا، ولكنْ، طلبًا للانتقام من شخصه لا طلبًا للخلاص من الاستبداد، فلا تستفيد شيئًا، إنما تستبدل مرضًا بمرض؛ كمغصٍ بصداع. وقد تقاوم المستبدَّ بسَوق مستبدٍّ آخر تتوسَّم فيه أنَّه أقوى شوكةً من المستبدِّ الأول، فإذا نجحت لا يغسل هذا السائق يديه إلا بماء الاستبداد، فلا تستفيد أيضًا شيئًا، إنما تستبدل مرضًا مزمنًا بمرض حديث، وربما تُنال الحرية

1 / 175