157

طبیعت استبداد او مبارزه استعباد

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

خپرندوی

المطبعة العصرية

د ایډیشن شمېره

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

د خپرونکي ځای

حلب

وهذه القواعد التي قد صارت قضايا بديهية في الغرب، لم تزل مجهولة أو غريبة، أو منفورًا منها في الشرق؛ لأنَّها عند الأكثرين منهم لم تطرق سمعهم، وعند البعض لم تنل التفاتهم وتدقيقهم، وعند آخرين لم تحز قبولًا؛ لأنَّهم ذوو غرض، أو مسروقة قلوبهم، أو في قلوبهم مرض. وإنّي أطرح لتدقيق المطالعين رؤوس مسائل بعض المباحث التي تتعلَّق بها الحياة السياسية. وقبل ذلك أذكِّرهم بأنَّه قد سبق في تعريف الاستبداد بأنَّه: "هو الحكومة التي لا يوجد بينها وبين الأمَّة رابطة معينة معلومة مصونة بقانون نافذ الحكم". كما أستلفت نظرهم إلى أنَّه لا يوثق بوعد من يتولى السُّلطة أيًا كان، ولا بعهده ويمينه على مراعاة الدين، والتقوى، والحق، والشرف، والعدالة، ومقتضيات المصلحة العامة، وأمثال ذلك من القضايا الكلية المبهمة التي تدور على لسان كلِّ برٍّ وفاجر. وما هي في الحقيقة إلا كلامٌ مبهم فارغ؛ لأنَّ المجرم لا يعدم تأويلًا؛ ولأنَّ من طبيعة القوة الاعتساف؛ ولأنَّ القوة لا تُقابل إلا بالقوة. ثمَّ فلنرجع للمباحث التي أريد طرحها لتدقيق المطالعين، وهي: ١ - مبحث ما هي الأمَّة؛ أي الشَّعب: هل هي ركامُ مخلوقاتٍ نامية، أو جمعية، عبيدٌ لمالكٍ متغلِّب، وظيفتهم الطاعة والانقياد ولو كُرهًا؟ أم هي جمعٌ بينهم روابط دين أو جنس أو لغة، ووطن، وحقوق مشتركة، وجامعة سياسية اختيارية، لكلِّ فردٍ حقُّ إشهار رأيه فيها توفيقًا للقاعدة الإسلامية التي هي أسمى وأبلغ قاعدة سياسية، وهي: "كلُّكم

1 / 167