128

طبیعت استبداد او مبارزه استعباد

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

خپرندوی

المطبعة العصرية

د ایډیشن شمېره

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

د خپرونکي ځای

حلب

شرًّا ما. فالإسلامية تجعل الإنسان لا يرجو ولا يهاب من رسولٍ أو نبيّ، أو ملكٍ أو فلك، أو وليٍّ أو جنّي، أو ساحرٍ أو كاهن، أو شيطانٍ أو سلطان. وأعظم بهذا التعليم الذي يرمي الإنسان عن عاتقه جبالًا من الخوف والأوهام والخيالات، جبالًا اعتقلها منذ كان يسرح مع الغيلان، أو ورثها من أبيه آدم الذي طغاه شيطان النفس. أو ليس العتيق من الأوهام يصبح صحيح العقل، قوي الإرادة، ثابت العزيمة، قائده الحكمة، سائقه الوجدان، فيعيش حرًا، فرحًا صبورًا فخورًا. لا يبالي حتى بالموت لعلمه بالسعادة التي يستقبلها، التي يمثِّلها له القرآن بالجنان، فيها الرّوح والريحان، والحور والغلمان، فيها كل مل تشتهي الأنفس وتقرُّ به العينان؟! وأظنُّ أن هؤلاء المنكرين فائدة الدين، ما أنكروا ذلك إلا من عدم اطِّلاعهم على دينٍ صحيح مع يأسهم من إصلاح ما لديهم، عجزًا عن مقاومة أنصار الفساد. وإذا نظرنا في أنَّ هؤلاء أنفسهم هم في آنٍ واحد يشددون النَّكير على الدِّين من جهة، قائلين: إنَّ ضرره أكبر من نفعه، ويهيجون من جهةٍ أخرى مؤثِّرات أدبية وهمية محضًا يرون أنه لا بدَّ منه في بناء الأمم، وذلك مثل حبِّ الوطن وخيانته، وحبِّ الإنسانية والإساءة إليها والسُّمعة الحسنة وعكسها، والذِّكر التاريخي بالخير أو الشَّر ونحو ذلك مما هو لا شيء في ذاته، ولا شيء أيضًا بالنسبة إلى تأثير طاعة الله والخوف منه، لأنَّ (الله) حقيقة لا ريب فيها، بل ولا خلاف إلا في الأسماء بين (الله) وبين (مادة) أو (طبيعة). ولولا أنَّ الماديين والطبيعيين يأبون الاسترسال في البحث في

1 / 138