الغابرة والحاضرة، هو مقياس الارتباط بالدين قوةً وضعفًا.
هذه الآراء كلُّها صحيحة لا مجال للردِّ عليها، ولكن؛ بالنظر إلى الأديان الخرافية أساسًا أو التي لم تقف عند حدِّ الحكمة، كالدين المبني على تكليف العقل بتصوُّر أنَّ الواحد ثلاثة والثلاثة واحد. لأنَّ مجرَّد الإذعان لما يعقل برهان على فساد بعض مراكز العقل، ولهذا أصبح العالم المتمدن يعدُّ الانتساب إلى هذه العقيدة من العار؛ لأنه شعار الحُمق.
أما الأديان المبنية على العقل المحضّ كالإسلام الموصوف بدين الفطرة، ولا أعني بالإسلام ما يدين به أكثر المسلمين الآن، إنَّما أريد بالإسلام: دين القرآن؛ أي الدين الذي يقوى على فهمه من القرآن كلُّ إنسانٍ غير مقيَّد الفكر بتفصُّح زيد أو تحكُّم عمرو.
فلا شك أنَّ الدِّين إذا كان مبنيًا على العقل، يكون أفضل صارف للفكر عن الوقوع في مصائد المخرِّفين، وأنفع وازع بضبط النَّفس من الشطط، وأقوى مؤثِّر لتهذيب الأخلاق، وأكبر معين على تحمُّل مشاقّ الحياة، وأعظم منشِّط على الأعمال المهمَّة الخطرة. وأجلَّ مثبِّت على المبادئ الشريفة، وفي النتيجة يكون أصحَّ مقياس يُستدلُّ به على الأحوال النفسية في الأمم والأفراد رقيًّا وانحطاطًا.
هذا القرآن الكريم إذا أخذناه وقرأناه بالتّروي في معاني ألفاظه العربية وأسلوب تركيبه القرشي، مع تفهُّم أسباب نزول آياته وما أشارت إليه، ومع التبصُّر في مقاصده الدقيقة وتشريعه السامي، ومع أخذ بعض