323

The Interpretation of Various Hadiths

تأويل مختلف الحديث

خپرندوی

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

شمېره چاپونه

الطبعة الثانية

د چاپ کال

۱۴۱۹ ه.ق

ژانرونه

د حدیث علوم
وَهَذِهِ الْغِرْبَانُ، لَا تَقْرَبُ نَخْلَةٌ١، مُوقَرَةٌ فَإِذَا صُرِمَتِ النَّخْلَةُ سَقَطَتْ عَلَيْهَا، فَلَقَطَتْ مَا فِي الْقُلْبَةِ٢، يَعْنِي: الْكَرْبَ.
وَقَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ: إِذَا نَهَشَتِ الْإِبِلَ حَيَّةٌ أَكَلَتِ السَّرَاطِينَ.
وَقَالَ بن مَاسَوَيْهِ: فَلِذَلِكَ نَظُنُّ السُّرَاطِينَ، صَالِحَةً لِلْمَنْهُوشِينَ.
قَالُوا: وَالسُّلَحْفَاةُ، إِذَا أَكَلَتْ أَفْعَى أكلت سعترًا جبليًا.

= من ذَلِك على أَن بعض الدَّوَابّ والحشرات لَهَا شَيْء من الْفَهم، فَلَا يُنكر أَن يكون للذباب نوع تَمْيِيز بَين مَا تحمل من السم والشفاء، فَتقدم السم أَولا. وأضيف إِلَى هَذَا من الدرسات الحديثة على سلوكيات الحشرات كَمَا درسوها لنا فِي الجامعة قسم الحشرات، أَن كثيرا من الْحَيَوَانَات الْحَيَّة وَمِنْهَا الحشرات عِنْدهَا سلوكيات فطرية يسمونها فِي علم الْحَيَوَان بالغزائر.... وَهِي تَصَرُّفَات فطرية يعملها الْحَيَوَان بِدُونِ تَعْلِيم، لِأَنَّهَا مغروسة فِي فطرته وَلَا يملك التخلي عَنْهَا. وَهِي مَأْخُوذَة من الْمُشَاهدَة فعلا، فَلَو نظرت إِلَى أَوْلَاد القطة الصغار العميان إِذا بَال أحدهم ترَاهُ يتَنَحَّى عَن مَوضِع الْبَوْل أَو الْغَائِط بِقَلِيل جدا ويحفر من الأَرْض ليغطي بَوْله أَو برازه ثمَّ يلْتَفت فيشم الْموضع فَإِذا كَانَت الرَّائِحَة انْقَطَعت توقف، وَإِلَّا عَاد يحْفر ويردم. وَلَقَد رَأَيْته بنفسي يفعل ذَلِك على أَرض صلبة مبلطة، فيحفر بِرجلِهِ وطبعًا لَا يخرج مَعَه شَيْء ثمَّ يستدير فيشم الرَّائِحَة ثمَّ يعود فيحفر ويكرر ذَلِك وقتا طَويلا؛ لِأَن الرَّائِحَة لَا تَنْقَطِع لعدم وجود تُرَاب يغطيها، هَذَا كُله وَهُوَ أعمى لَا يُمكن أَن تكون عَلمته أمه. وَفِي الحشرات تتجلى ظَاهِرَة الغرائز الفطرية بِصُورَة وَاضِحَة، فحشرة كالصرصور مثلا لَو ألقِي عَلَيْهَا شَيْء من الدَّقِيق تقوم بعملية التَّنْظِيف وَلها قرنان وَثَلَاثَة أَزوَاج من الأرجل فتتبع نظامًا ثَابتا موحدًا فِي جَمِيع الْجِنْس لَا يتَغَيَّر، فتبدأ بتنظيف قرن معِين الْيَمين مثلا، ثمَّ تنظف الآخر تبدأ بِرَجُل مُعينَة ثمَّ بِرَجُل من النَّاحِيَة الْأُخْرَى، ثمَّ تعود فتنظف رجلا من الْجِهَة الْمُقَابلَة. وَيتبع الصرصور نفس التَّرْتِيب لَا يُخَالِفهُ أبدا. وَلَو وَقع التُّرَاب أَو الدَّقِيق على جَانب وَاحِد من جِسْمه وَأَرَادَ تنظيفه فَلَا بُد من اتِّبَاع تَرْتِيب تنظيف كل الْجِسْم بِنَفس التَّرْتِيب كل عُضْو فِي ترتيبه وَلَو كَانَ نظيفًا. وَهَذَا عَام فِي كل جنس الصراصير لَا يُخَالف وَاحِد مِنْهَا، ويستحيل أَن تكون تعلمت هَذَا من معلم يوحد صبغتها فِي عُمُوم الْجِنْس مَعَ كثرته وشيوعه. أفيبعد أَن تكون الذبابة قد غرس فِي فطرتها تَقْدِيم الدَّاء عِنْد الْخطر وَتَأْخِير الشِّفَاء؟ بل هَذَا أَمر عادي كَغَيْرِهِ مَعْلُوم بِالْمُشَاهَدَةِ. "الشَّيْخ مُحَمَّد مُحَمَّد بدير"
١ موقرة: من الوقر "بِكَسْر الْوَاو": الْحمل الثقيل. الْقَامُوس الْمُحِيط ص٦٣٥.
٢ القلبة: شحمة النّخل أَو أَجود خوصها، كَمَا فِي الْقَامُوس الْمُحِيط ص١٦٣.
وَالْكرب: مايتلقط من التَّمْر فِي أصُول السعف، كَمَا فِي الْقَامُوس.

1 / 337