إلى البستاني وهو يأكل الخبز الأسمر بالزيتون الأسود، يدفع اللقمة في فمه ويتناول الثانية بيده ويأخذ الثالثة بعينه، فتمنى أن يجد مثل هذه الشهية ويكون بستانيًا؟
فلماذا لا تقدّرون ثمن الصحة؟ أما للصحّة ثمن؟ من يرضى منكم أن ينزل عن بصره ويأخذ مئة ألف دولار؟ من يبيع قطعة من أنفه بأموال الشربتلي؟ (١) أما تعرفون قصة الرجل الذي ضل في الصحراء وكاد يهلك جوعًا وعطشًا، لما رأى غدير ماء وإلى جنبه كيس من الجلد، فشرب من الغدير وفتح الكيس يأمل أن يجد فيه تمرًا أو خبزًا يابسًا، فلما رأى ما فيه ارتَدّ يأسًا وسقط إعياء. لقد رآه مملوءًا بالذهب!
وذاك الذي لقي مثل ليلة القدر، فزعموا أنه سأل ربه أن يحوّل كل ما مسته يده ذهبًا، ومس الحجر فصار ذهبًا، فكاد يُجَنّ من فرحته لاستجابة دعوته، ومشى إلى بيته ما تسعه الدنيا، وعمد إلى طعامه ليأكل، فمَسّ الطعام فصار ذهبًا وبقي جائعًا، وأقبلت بنته تواسيه، فعانقها فصارت ذهبًا ... فقعد يبكي يسأل ربه أن يعيد إليه بنته وسُفرته وأن يبعد عنه الذهب.
وروتشلد الذي دخل خزانةَ ماله الهائلة، فانصفق عليه بابها فمات غريقًا في بحر من الذهب!
* * *
يا سادة: لماذا تطلبون الذهب وأنتم تملكون ذهبًا كثيرًا؟
_________
(١) الشربتلي أحد أثرياء مدينة جدة المعروفين.
1 / 22