Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
خپرندوی
دار الأدب الاسلامي
د ایډیشن شمېره
الأولى
ژانرونه
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
مَا كُنْتُ لِأَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَؤُمَّنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَمَّنَا حَتَّى مَاتَ.
ثُمَّ بُويِعَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ خَيْرَ نَصِيحٍ لَهُ فِي الحَقِّ، وَأَكْرَمَ مِعْوَانٍ لَهُ عَلَى الخَيْرِ.
ثُمَّ عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بِالخِلَافَةِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى الفَارُوقِ، فَدَانَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالطَّاعَةِ، وَلَمْ يَعْصِهِ فِي أَمْرٍ، إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
فَهَلْ تَدْرِي مَا الأَمْرُ الَّذِي عَصَى فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ أَمْرَ خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ؟!.
لَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ حِينَ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ فِي بِلَادِ الشَّامِ يَقُودُ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَصْرٍ إِلَى نَصْرٍ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ الدِّيَارَ الشَّامِيَّةَ كُلَّهَا...
فَبَلَغَ الفُرَاتَ شَرْقاً وَآسِيَا الصُّغْرَى شَمَالاً.
عِنْدَ ذَلِكَ دَهَمَ بِلَادَ الشَّامِ طَاعُونٌ مَا عَرَفَ النَّاسُ مِثْلَهُ قَطُّ؛ فَجَعَلَ يَحْصُدُ النَّاسَ حَصْداً...
فَمَا كَانَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ إِلَّا أَنْ وَجَّهَ رَسُولاً إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا:
إِنِّي بَدَتْ(١) لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ لَا غِنَى لِي عَنْكَ فِيهَا، فَإِنْ أَتَاكَ كِتَابِي لَيْلاً فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ(٢) أَلَّا تُصْبِحَ حَتَّى تَرْكَبَ إِلَيَّ، وَإِنْ أَتَاكَ نَهَاراً فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ أَلَّا تُمْسِيَ حَتَّى تَرْكَبَ إِلَيَّ.
(١) بَدَت: ظَهَرَت.
(٢) أعزم عليك: أطلب منك بإلحاح وقوة، وأقسم عليك.
96