Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
خپرندوی
دار الأدب الاسلامي
د ایډیشن شمېره
الأولى
ژانرونه
فَلَمَّا ضَاقَ بِهِ ذَرْعاً (١) ضَرَبَ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَلَقَتْ هَامَتَهُ فَلْقَتَيْنِ؛ فَخَرَّ الرَّجُلُ صَرِيعاً بَيْنَ يَدَيْهِ.
لَا تُحَاوِلْ - أَيُّهَا القَارِىءُ الكَرِيمُ - أَنْ تَتَحَمَّنَ مَنْ يَكُونُ الرَّجُلُ الصَّرِيعُ ... أَمَا قُلْتُ لَكَ: إِنَّ عُنْفَ التَّجْرِبَةِ فَاقَ حِسْبَانَ الحَاسِبِينَ، وَجَاوَزَ خَيَالَ المُتَخَيِّلِينَ؟ ...
وَلَقَدْ يَتَصَدَّعُ رَأْسُكَ إِذَا عَرَفْتَ أَنَّ الرَّجُلَ الصَّرِيعَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الجَرَّاحِ وَالِدُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
***
لَمْ يَقْتُلْ أَبُو عُبَيْدَةَ أَبَاهُ، وَإِنَّمَا قَتَلَ الشِّرْكَ فِي شَخْصِ أَبِيهِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي شَأْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَشَأْنِ أَبِيهِ قُرْآنًاً فَقَالَ - عَلَتْ كَلِمَتُهُ -:
﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ، أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ، خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ، أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَآ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(٢).
***
لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَجِيباً مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَدْ بَلَغَ مِنْ قُوَّةِ إِيمَانِهِ بِاللَّهِ وَنُصْحِهِ لِدِينِهِ، وَالأَمَانَةِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَبْلَغاً طَمَحَتْ إِلَيْهِ نُفُوسٌ كَبِيرَةٌ عِنْدَ اللَّهِ.
حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ النَّصَارَى عَلَى رَسُولِ
(١) ضاق به ذرعاً: لم يستطع الصبر عليه.
(٢) سورة المجادلة: آية ٢٢.
93