Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
خپرندوی
دار الأدب الاسلامي
شمېره چاپونه
الأولى
ژانرونه
مَا زَكَّى بِهِ نَفْسَهُ، وَوَعَى مِنْ حَدِيثِهِ مَا مَلَأَ بِهِ صَدْرَهُ، وَعَرَفَ مِنْ أَحْوَالِهِ وَأَخْيَارِهِ وَأَسْرَارِهِ وَشَمَائِلِهِ(١) مَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ سِوَاهُ.
***
وَقَدْ لَقِيَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ كَرِيمِ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَلَدٌ مِنْ وَالِدٍ...
وَذَاقَ مِنْ نَبْلِ شَمَائِلِهِ، وَجَلِيلِ خَصَائِلِهِ مَا تَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا.
فَلْنَسْمَعْ لِأَنَسِ الحَدِيثَ عَنْ بَعْضِ الصُّوَرِ الوَضَّاءَةِ مِنْ هَذِهِ المُعَامَلَةِ الكَرِيمَةِ الَّتِي لَقِيَهَا فِي رِحَابِ النَّبِيِّ السَّمْحِ(٢) الكَرِيمِ عَلَيْهِ، فَهُوَ بِهَا أَدْرَى، وَعَلَى وَصْفِهَا أَقْوَى...
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، وَأَرْحَبِهِمْ(٣) صَدْرًا، وَأَوْفَرِهِمْ حَنَانًا...
فَقَدْ أَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَخَرَجْتُ، وَقَصَدْتُ صِبْيَانًا يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ لِأَلْعَبَ مَعَهُمْ وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى مَا أَمَرَنِي بِهِ، فَلَمَّا صِرْتُ(٤) إِلَيْهِمْ شَعَرْتُ بِإِنْسَانٍ يَقِفُ خَلْفِي، وَيَأْخُذُ بثوبي ...
فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ وَيَقُولُ:
(يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟).
فَارْتَبَكْتُ وَقُلْتُ: نَعَمْ...
إِنِّي ذَاهِبٌ الآنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ...
(١) شَمَائِلُه: خصاله الحميدة.
(٢) السَّمْحِ: الجواد المعطاء اللين.
(٣) أَرْحَبِهِمْ صَدْرًا: أوسعهم صدرًا وأطولهم أناة.
(٤) صِرْتُ إِلَيْهِمْ: انتهيت إليهم.
12