143

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

خپرندوی

دار الأدب الاسلامي

د ایډیشن شمېره

الأولى

وَلْنَتْرُكِ الكَلَامَ لِأَبِي ذَرٍّ لِيَقُصَّ عَلَيْنَا بِنَفْسِهِ بَقِيَّةَ خَبَرِهِ، قَالَ:

أَقَمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَكَّةَ فَعَلَّمَنِي الإِسْلَامَ، وَأَقْرَأَنِي شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ لِي:

(لَا تُخْبِرْ بِإِسْلَامِكَ أَحَدًا فِي مَكَّةَ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ يَقْتُلُوكَ).

فَقُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَرْتَحِلُ مَكَّةَ حَتَّى آتِيَ المَسْجِدَ وَأَصْرُخَ بِدَعْوَةِ الحَقِّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ (١) قُرَيْشٍ؛ فَسَكَتَ الرَّسُولُ ﷺ ...

فَجِئْتُ المَسْجِدَ وَقُرَيْشٌ جُلُوسٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَتَوَسَّطْتُهُمْ، وَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

فَمَا كَادَتْ كَلِمَاتِي تُلَامِسُ آذَانَ القَوْمِ حَتَّى ذُعِرُوا جَمِيعًا، وَهَبُّوا مِنْ مَجَالِسِهِمْ، وَقَالُوا:

عَلَيْكُمْ بِهَذَا الصَّابِئِ (٢) ... وَقَامُوا إِلَيَّ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَنِي لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَكَبَّ عَلَيَّ لِيَحْمِينِي مِنْهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: وَيْلَكُمْ (٣) !!... أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا مِنْ ((غِفَارٍ))؛ وَمَمَرُّ قَوَافِلِكُمْ عَلَيْهِمْ؟! ... فَأَقْلَعُوا (٤) عَنِّي.

وَلَمَّا أَفَقْتُ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا رَأَى مَا بِي قَالَ:

(أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ إِعْلَانِ إِسْلَامِكَ؟).

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَتْ حَاجَةٌ فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا.

فَقَالَ: (الْحَقْ بِقَوْمِكَ، وَخَبِّرْهُمْ بِمَا رَأَيْتَ وَمَا سَمِعْتَ، وَادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ).

(١) بين ظهراني قريش: في وسط قريش.

(٢) الصابئ: الخارج من دينه.

(٣) الويل: الهلاك.

(٤) أقلعوا عني: كفوا عني وتركوني.

147