Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
خپرندوی
دار الأدب الاسلامي
د ایډیشن شمېره
الأولى
ژانرونه
ثُمَّ مَشَى سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى بَلَغَ مَكَاناً فِيهِ مَرَاحٌ لِلإِبِلِ، وَبِجَانِبِهِ خِبَاءٌ عَظِيمٌ فِيهِ تُتَةٌ مِنْ أَدَمٍ(١) تُشِيرُ إِلَى الثَّرَاءِ وَالنِّعْمَةِ، فَقَالَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ:
لَا بُدَّ لِهَذَا المَرَاحِ مِنْ إِبِلٍ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا الخِبَاءِ مِنْ أَهْلٍ.
ثُمَّ نَظَرَ فِي الخِبَاءِ - وَكَانَتِ الشَّمْسُ تَدْنُو مِنَ المَغِيبِ - فَوَجَدَ شَيْخاً فَانِياً فِي وَسَطِهِ، فَجَلَسَ خَلْفَهُ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ.
وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَأَقْبَلَ فَارِسٌ لَمْ يُرَ قَطُّ فَارِسٌ أَعْظَمُ مِنْهُ وَلَا أَجْسَمُ(٢)، قَدِ امْتَطَى صَهْوَةَ(٣) جَوَادٍ عَالٍ، وَحَوْلَهُ عَبْدَانِ يَمْشِيَانِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَمَعَهُ نَحْوُ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ، أَمَامَهَا فَحْلٌ كَبِيرٌ، فَبَرَكَ الفَحْلُ، فَبَرَكَتْ حَوْلَهُ النُّوقُ ... وَهُنَا قَالَ الفَارِسُ لِأَحَدِ عَبْدَيْهِ:
احْلِبْ هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى نَاقَةٍ سَمِينَةٍ - وَاسْقِ الشَّيْخَ؛ فَحَلَبَ مِنْهَا حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ، وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَي الشَّيْخِ وَتَنَحَّى عَنْهُ، فَجَرَعَ الشَّيْخُ مِنْهُ جَرْعَةً أَوْ جَرْعَتَيْنِ وَتَرَكَهُ ... قَالَ الرَّجُلُ:
فَدَبَبْتُ نَحْوَهُ مُتَخَفِّياً، وَأَخَذْتُ الإِنَاءَ، وَشَرِبْتُ كُلَّ مَا فِيهِ، فَرَجَعَ العَبْدُ وَأَخَذَ الإِنَاءَ، وَقَالَ:
يَا مَوْلَايَ، لَقَدْ شَرِبَهُ كُلَّهُ، فَفَرِحَ الفَارِسُ وَقَالَ:
احْلِبْ هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى نَاقَةٍ أُخْرَى - وَضَعِ الإِنَاءَ بَيْنَ يَدَي الشَّيْخِ، فَفَعَلَ العَبْدُ مَا أُمِرَ بِهِ، فَجَرَعَ مِنْهُ الشَّيْخُ جَرْعَةً وَاحِدَةً وَتَرَكَهُ، فَأَخَذْتُهُ، وَشَرِبْتُ نِصْفَهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ آتِيَ عَلَيْهِ كُلَّهُ حَتَّى لَا أُثِيرَ الشَّكَّ فِي نَفْسِ الفَارِسِ.
ثُمَّ أَمَرَ الفَارِسُ عَبْدَهُ الثَّانِيَ بِأَنْ يَذْبَحَ شَاةً، فَذَبَحَهَا فَقَامَ إِلَيْهَا الفَارِسُ
(١) الأدم: الجلد.
(٢) أجسم: أعظم جسماً.
(٣) صهوة الجواد: موضع ركوب الفارس على ظهره.
128