فأذن لي من ساعتي، ووصلني بمائة ألف درهم، وردني إلى منزلي.
339 -
حدث رجل من قريش قال: حججنا وعدنا، فأتينا في بعض المنازل امرأة في خبائها، فاستأذنا عليها، فقالت: يا هؤلاء أفيكم أحد من أهل البصرة؟ قلنا نعم، قالت: ههنا رجل لما به، يريد أن يوصي إلى بعضكم وتشهدوا وفاته، فقمنا إليه وإذا رجل مدنف، فكلمناه فنظر إلينا، وإذا طائر سقط على شجرة وصوت، فنظر إليه وبكى وأنشد (1) :
يا بعيد الدار عن وطنه ... مفردا يبكي على شجنه
ولقد زاد الفؤاد شجى ... هاتف يبكي على سكنه ثم أغمي عليه، فقلنا: قضى نحبه، ثم فتح عينيه والطائر يصوت على حاله فقال:
كلما جد البكاء به ... زادت الأسقام في بدنه
شفه ما شفني فبكى ... كلنا يبكي على سكنه ثم تنفس وأغمي عليه فظنناها كالأولى وإذا هو قد مات، فسألنا المرأة عنه فقالت: هذا العباس بن الأحنف، فغسلناه ودفناه.
340 -
قال يوسف بن هرون (2) : بكرت إلى باب أبي المطرف بن مثنى بقرطبة، وهو أميرها فألفيت يحيى بن هذيل قد بكر قبلي، فقال لي: ما عندك؟ فقلت: ليس عندي كبير معنى، ولكن (3) ما عندك أنت؟ فأخرج قصيدة منها:
ومرنة والدجن ينسجفوقها ... بردين من حلك ونوء باكي
مالت عن طي الجناح كأنما ... جعلت أريكتها قضيب أراك
وترنمت لحنين قد خلتهما ... كغناء مسمعة وأنه شاكي
ففقدت من نفسي لفرط صبابتي ... نفس الحياة وقلت من أبكاك فأنشدنيها وأنا أعد محاسنها، فلما أكملها قال: أنصرف إلى المكتب وتأدب حتى
مخ ۱۰۰