واليمن وسواحل هذا البحر وبينها وبين مصر مرحلتان، ثم تنتهى الى شط البحر فلا تكون بها قرية ولا مدينة سوى مواضع بها ناس مقيمون على صيد من هذا البحر وشىء من النخيل يسير حتى تنتهى الى تاران وجبيلان وما حاذى جبل الطور الى ايلة، وايلة هذه مدينة صغيرة عامرة بها زرع يسير وهى مدينة لليهود الذين حرمت عليهم صيود السبت وجعل منهم القردة والخنازير على ما يذكر أهل الرواية وبها فى أيدى يهودها عهد لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم الى مدين والجار وجدة مواضع غير مأهولة بالناس، وما انتهى على هذا البحر فى عطوف اليمن الى عمان والبحرين الى عبادان فقد وصفته فى صفة ديار العرب، (6) وأما عبادان فحصن صغير عامر على شط البحر ومجمع ماء دجلة وهو رباط كان فيه المحاربون للصفرية والقطرية وغيرهم من متلصصة البحر وبها على دوام الأيام مرابطون، [قال (12) كاتب هذه الأحرف اجتزت بعبادان سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وهى جزيرة فى وسط الدجلة وماء الفرات عند مصبهما فى البحر واختلاط ماء البحر بهما وفيها رباط يسكنه جماعة الصوفية والزهاد وليس بينهم المرأة البتة وفى هذه الجزيرة مسجد من جانب الشرق وفيه ودائع وأمانات غير مسلمة الى أحد من الناس وقد قرر الجماعة بتلك البقعة أن كل من أخذ من عبادان شيئا على سبيل الجناية والسرقة فإن السفينة تغرق لا محالة بزعمهم حتى أنهم قد رسخوا فى قلوب الناس أن تراب عبادان إن حمله أحد بغير أمر أولئك الجماعة فإن تلك السفينة التى فيها من ذلك التراب تغرق وليس كما زعموا، وبعبادان بئر يزعم الشيعة أن الرجل إذا وقف عليها وأقسم على الماء بكل اسم خلق الله فإن الماء لا يتحرك فإذا أقسم عليه بعلى (رضوان الله عليه) فإن الماء يفور ويصعد الى شفير البئر فمضيت الى تلك البئر وأقسمت عليها بما زعموا فو الله ما تحرك ماؤها ولا تزعزع من موضعه ففكرت وقلت هذه الجزيرة فى وسط الماء وهذا الماء فى اليوم والليلة يمد ويجزر مرتين ومادة هذه البئر من ذلك الماء ولا يبعد أن يتحرك الماء فى البئر عند الزيادة وقد اتفق فى تلك الساعة من لا يهتدى الى حقائق الأشياء، أما المد والجزر فإنه من أعجب الأشياء وذلك أنه يبتدئ بالمد عند طلوع القمر ولا يزال يتزايد الى أن يصير القمر فى وسط السماء ثم يبتدئ بالجزر الى أن يحصل القمر فى أفق المغرب ثم يبتدئ بالمد
مخ ۴۸