سقراط: هغه سړی چې جرئت وکړ پوښتنه وکړي
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
ژانرونه
إن السنوات التي جعلت من ألقبيادس بطلا فاشلا، السنوات التي كان ينمو فيها أفلاطون ويقوم فيها سقراط بأداء الرسالة التي تلقاها من الآلهة، كانت سنوات الحرب العظمى مع إسبرطة، وكان سقراط في نحو التاسعة والثلاثين من عمره عندما نشبت الحرب، وكان في نحو السادسة والستين من عمره عندما انتهت.
وكان الجيش الأثيني يخرج تباعا كل صيف، كما يبحر الأسطول إلى الأصقاع النائية، وخدم سقراط نفسه في حملتين عرفناهما، وليس من شك في أنه خدم في كثير غيرهما، ولا بد أن تكون زانثب قد أنزلت خوذته البرنزية وصداره الحديدي من الصندوق الذي أودعا فيه بحجرة النوم، كما خلعت الدرع والرمح من جدار حجرة الجلوس، وربما كانت مشابك الصدار الحديدي بحاجة إلى ربط، وهل تتحرك المقابض عند الكتفين في يسر يا ترى؟ ويجب أن يذكر شارة الشرف المصنوعة من شعر الخيل ويتأكد من ملاءمتها وثباتها في الثغرة التي أعدت لها بالخوذة.
ويصقل الدرع حتى يلمع كالمرآة بالرغم مما به من ندوب، وتغسل زانثب رداء سقراط العتيق وتصلحه، ويصر على أنه حسن على هيئته، ولكنها لا ترضى له بالمظهر الحقير بين زملائه، ثم تحزم له طعام ثلاثة أيام، من سمك مجفف وزيتون، وخبز الشعير والجبن ، وتهبط كي تراه وهو ينطلق مع الآخرين من باب المدينة، وبعدما ترزق بطفلها الأول - «الذي ولد متأخرا، وبعد كثير من الدعاء فكان إلى القلوب حبيبا» كما جاء في الشعر القديم - تراها تحمله على كتفها.
لم تكن الحياة يسيرة على زانثب في ذلك الحين أو فيما بعد، وربما اقترن بها سقراط قبل الحرب بزمن ليس بطويل، وربما بعد نشوب الحرب بسنوات، وقد انتقاها عن طريق خاطبة أو عن طريق إحدى قريباته، كما كانت تتم الزيجات في أثينا في ذلك الحين، وربما كانت ابنة جاره، فتاة رآها تحمل جرة الماء إلى البئر من بيت في أقصى الشارع، لم يعرفها قبل أن يقترن بها ولم تعرفه، تزوج منها لأنه كان يريد لنفسه ذرية، وتزوجت منه لأن ذلك ما كانت تتمناه لنفسها دائما، أن تتزوج وأن تنسل وأن تكون ربة بيتها، وحتى لو كان شاذا قبيحا فهو يستطيع أن يكفل لها أمنا وعطفا، وكانت تصغره بعدة سنوات.
وكان سقراط عطوفا على زانثب، وربما تبادلا شيئا من الحب، وإن كانا لم يتبادلا منه الكثير، فالأزواج والزوجات لم يتوقعوا عادة أن يتبادلوا حبا عميقا في أثينا، وكان على الأقل صبورا كلما أنبته وكانت معروفة بتأنيبها، وكان من اليسير عليه أن يبتسم، وأن يدرك أن نيتها طيبة، فيوجه تفكيره إلى أمور أخرى، وكان يقول للأطفال: «إن الكلمات لا تؤذيكم، واذكروا كيف كانت تسهر عليكم في مرضكم.»
وهكذا منح سقراط زانثب عطفه، وإن يكن لم يمنحها ما كانت تعده ضمانا لها، ومنحته هي الأطفال، وكان له أبناء ثلاثة عرفناهم: لامبروكليز، سفرونسكس، ومنكسينس الصغير، وربما كان له كذلك بنات، وإن لم تعش واحدة منهن حتى تكبر؛ إذ لم يعش له أطفال ويكبروا ممن ولدوا قبل أن يبلغ أبوهم الخمسين، ولكن سقراط في سنواته الأخيرة على الأقل كانت له الأسرة التي تمناها، وكان لذلك شاكرا، وأراد أن تكون زانثب معه في الليلة التي سبقت وفاته.
وبخلاف زانثب والأطفال كان له بطبيعة الحال أصدقاء: أصدقاء قدامى وأصدقاء جدد، وقد نما جيل جديد بأسره من الصبا إلى الشباب خلال الحرب، وأتى أقريطون بابنه كريتوبيولس، وكان يتوقف أحيانا للاستماع شاب صغير طيب القلب يدعى زنفون شديد الاهتمام بالخيل والكلاب، وكان هناك أجاثون الشاعر الشاب، الذي أقام حفل العشاء المشهور، كما كان هناك سفالس الصقلي العجوز صاحب مصنع الدروع، الذي كان بيته عند الميناء مجالا لنقاش آخر لا يقل عن سابقه شهرة وذيوعا، وكان هناك كريتاس وكارميدز من أقرباء أم أفلاطون، ومن قواد الثورة فيما بعد، وقد كانا مثل ألقبيادس خطرا على سمعة سقراط الطيبة، كما كان هناك جلوكن واديمانتس الأخوان الأكبران لأفلاطون، وأخيرا عندما أوشكت الحرب أن تضع أوزارها، كان هناك أفلاطون الشاب نفسه.
ولا يكاد أفلاطون يذكر متى بدأت تبلغه أنباء سقراط من أحد أفراد أسرته، وكان قد سمع عنه قبل أن ينضج للكلام معه بنفسه، وحتى في ذلك الحين بقي في محيط الدائرة لفترة من الزمن، ولو أنك قلت له في تلك السنوات: إنه سوف يصبح فيلسوفا وينشئ مدرسة من الفلاسفة ذات يوم لسخر منك؛ لأن الحياة السياسية كانت الحياة العملية الملائمة الوحيدة لشاب من أسرة كأسرة أفلاطون: أسرة نبيلة، تنحدر من سولون المشرع، بل إنك لو رجعت حقا إلى الزمن السالف القديم، لقلت: إنها تنحدر من بوزيدون إله البحر ذاته.
وقد اختط أفلاطون لنفسه أن يكون من رجال السياسة، ولن يكون بطبيعة الحال رجلا ممن يطعنون الناس من الخلف كما كان الساسة في سني الحرب تلك الذين تزدريهم أسرته، وإنما يرمي أن يكون زعيما وطنيا محافظا للمدينة بأسرها كسلفه سولون، وقد أحس في نفسه القدرة على الزعامة، وسيكون كرتياس ابن عم أمه عونا له على ولوج باب السياسة بمجرد ما تتاح للمحافظين الفرصة مرة أخرى.
وفي غضون ذلك ربما كان يدرس فن التصوير وتأليف الشعر أو «صناعته» كما كان التأليف يسمى في لغته، وكان يلزمه دائما ضرب من ضروب «الصناعة» كما كان البحث لازما لسقراط، وإن كان لا يستطيع صنع القوانين فهو يستطيع صناعة المسرحيات، وبعدما كتب مسرحيته الأولى - إذا صدقت القصة القديمة المشكوك في صحتها - بدأت كلمات سقراط بعدما كانت من قبل لا تمس إلا ظاهر فكره أولا؛ بدأت تخزه كما وخزت من قبل ألقبيادس وجعلته ساخطا على كل شيء فكر فيه أو أداه فيما سبق، وبدت له مسرحيته ضحلة فألقى بها في النار، ولم يكتب بعد ذلك مسرحيات إلا بعد سنوات، وكانت في صيغة جديدة تعلمها من سقراط.
ناپیژندل شوی مخ