Supplication in the Book of Allah
التوسل في كتاب الله عز وجل
خپرندوی
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
السنة السادسة والثلاثون
د چاپ کال
١٢٤ - ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م.
ژانرونه
“خاشعين أي متواضعين”، وقال الحسن، وقتادة، والضحاك: “خاشعين أي متذللين لله ﷿” وكل هذه الأقوال متقاربة” ١.
وهكذا نرى زكريا ﵇ وقد دعا ربه ﷿ متوسلا بكونه سبحانه هو خير الوارثين، مع ما في دعائه من التذلل والخضوع والخشوع، والاستسلام لله ﷿، وإظهار حاجته وافتقاره إلى ربه ﵎، وشفع له ما سبق من هذه الأسرة من مسارعتهم في عمل القربات والطاعات، وكثرة دعائهم لربهم ﷿ راغبين فيما عنده من الخير العميم في الدنيا والآخرة، خاشعين لعظمته، خاضعين لجلاله.
وإنه لجدير بمن كان بهذه الصفات أن يجاب دعاؤه؛ وأن لا يخيب رجاؤه لربه ﷿، ويلاحظ أن ما في هذه الآيات بيان عملي لما في قوله جلت قدرته ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ٢.
هذا وإن تفصيل دعوة زكريا ﵇ في سورة مريم إذ يقول جل وعلا ﴿كهيعص. ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ ٣ فهذا نبي الله زكريا ﵇ داهمه الكبر، فرقّ عظمه، واضطرم الشيب برأسه، فانتشر الشيب فيه كاشتعال النار في الهشيم، ولم يولد له؛ إذ امرأته عاقر لا تلد، وخشي على قومه من بعده أن يتصرف فيهم مواليه وعصبته تصرفًا سيئًا، فيكون فتنة لهم، فدعا الله ﷿ أن يهب له ولدًا يرثه العلم
_________
١ تفسير ابن كثير ٣/١٩٣.
٢ المائدة: ٣٥
٣ مريم: ١-٥
1 / 49