فإن جنود سن ياتسن لم يقدروا للثورة ذلك الموعد، ولم يكن سن ياتسن نفسه بينهم، بل كان في رحلة إلى الغرب لجمع المال والعتاد، ثم انفجرت قذيفة في إحدى الدور بالمنطقة الروسية، وكان انفجارها خطأ غير مقصود، فسرعان ما تسامع بها الناس ودهم الشرطة من الروس تلك الدار وجمعوا كل ما وجدوه من أوراقها، وفيها أسماء الألوف من جنود الزعيم المنبثين في كل مكان.
هي الثورة إذن بغير انتظار.
ومهما يكن من فعل المصادفات في هذه الحوادث الجسام، فقد ظهرت معها مزية التنظيم وحكمة الخطط المرسومة وضرورة الاستعداد للتوجيه والقبض على زمام الحركة حين تأتي الحوادث الجسام بمصادفتها أو بتقديراتها، فلو لم تسبق هذه الحوادث خطة مرسومة للحكم الجديد، تتولاها هيئة معروفة للثائرين، لضاعت الحوادث المتفرقة حادثة بعد حادثة ولم تجمعها وجهة واحدة.
وكم في الواقع من عجب يعيى بمثله الخيال.
لقد كان موليير يمزح بالطبيب على الرغم منه، ويحسبه كما يحسبه النظارة من افتتان الخيال.
فأعجب من طبيب على الرغم منه قائد ثورة على الرغم منه، وذلك هو القائد الصيني «لي يوان هنج» الذي انتزعه الثوار من فراشه ليقودهم، وتوعدوه بالقتل إن لم يذعن لمشيئتهم، فأذعن الرجل على كره منه وقاد الثورة مخلصا للفن العسكري وإن لم يكن مخلصا للثورة، فاستولى بتلك الشراذم على ووشانج وهانكو وهنيان، وهي قلب الصين، ووقفت العاصمة تتردد بين التسليم وبين الاستنجاد بقائدها القديم المغضوب عليه - يوان شي كاي - وليس أقدر منه على تطويع الجنود للدفاع في ذلك المجال.
وعبرة الموقف العظمى هي أن المصادفة عامل يحسب له حسابه في كل قضية خطيرة، ولكنها تضيع عبثا إن لم تجد من كان مستعدا للانتفاع بها وقيادتها قبل ذاك.
فتلك الشراذم من الدهماء قد ألهمت أن تطلب القيادة فانتصرت بها كرة بعد كرة، ولكنها بقيادتها وانتصاراتها كانت ضائعة ولا شك إن لم تسبقها خطة مرسومة يتولى القائد تطبيقها، ولم يكن قائدهم المغضوب عليه يعلم ما يصنع بعد الانتصار.
إنما كان علم هذا عند جماعة سن ياتسن، وباسم هذه الجماعة تنادى الثوار المتفرقون وترقبوا منها أن تتجه بهم إلى وجهتها، وتردد اسم سن ياتسن على كل لسان.
أما قصر ابن السماء فقد كانت له أيضا مصادفاته في هذا المأزق العصيب.
ناپیژندل شوی مخ