108

إن المساكن عامل هام في الحضارة، وهي تعطي الناس من المتعة والرفاهة ما لا يجدونه في الغذاء والكساء، وأكبر من نصف الصناعات البشرية تدور على مطالب السكنى، وستصبح صناعة البيوت أعظم ما نشرع فيه من خطط التعمير كما ستكون أربحها وأنفعها، وكل غايتي من هذه الصناعة أن نهيئ السكن الرخيص للدهماء ، وقد يتسنى بناء منزل كالذي يبنى الآن في موانئ المعاهدات بعشرة آلاف ريال ولا تزيد تكاليفه على ألف ريال، وإنما يتسنى هذا بالاستيراد والنقل والتوزيع، ومتى تم بناء البيت وجب تزويده بالأثاث، وكل هذا يدخل في نطاق صناعة السكن على الوجه الآتي: (أ)

إنتاج مواد البناء واستيرادها. (ب)

إجراء البناء. (ج)

صناعة الأثاث. (د)

تدبير المرافق المنزلية.

فأما مواد البناء فهي الآجر والقرميد والخشب والحديد والحجر والإسمنت والملاط، وكل مادة من هذه المواد تؤخذ من الخامات، فلا بد من الأفران لصنع الآجر والقرميد، ولا بد من المعامل لتحضير الأخشاب والحدائد، ولا بد من المحاجر لاستخراج الإسمنت والملاط والحجارة، ولا بد من وضع هذه المعامل جميعا حيث يسهل إمدادها والوصول إليها، وأن تضم كلها إلى مصلحة واحدة تخرج منها كل صنف على حسب الحاجة إليه، وتنقل المواد بطريق المواصلات المائية أو المركبات الخاصة على السكك الحديدية، وتتولى مصلحة السفن ومصلحة المركبات إعداد وسائل النقل من المعامل إلى الأسواق.

والمباني التي تنشأ في الصين تشتمل على مساكن عامة ومساكن خاصة، ويناط بناء المساكن العامة بمصلحة حكومية؛ لأنها لا تأتي بأجرة تعوض تكاليفها، أما المساكن الخاصة فلا تبنى إلا لغرض من غرضين؛ أحدها تيسير السكن للشعب، والآخر تحصيل الربح لخدمة هذه الصناعة. وتتبع الأساليب المرسومة في بناء المساكن، ومنها أسلوب البيت الذي تسكنه أسرة واحدة وأسلوب البيت الذي تسكنه أكثر من أسرة، فالبيت على الأسلوب الأول يقسم إلى ثماني حجرات أو عشر حجرات أو اثنتي عشرة حجرة، والبيت على الأسلوب الآخر يقسم إلى مساكن عشر أسر أو مائة أسرة أو ألف أسرة، لكل أسرة منها أربع حجرات أو ست حجرات، ويجب تقسيم المساكن في الريف على حسب أعمال السكان مع إلحاق الحظائر والجرن بمساكن الفلاحين. وتلاحظ في تخطيط البيوت راحة الإنسان فتعهد مهمة التخطيط إلى مصلحة تدرس عادات الطوائف المختلفة ومطالبها ويدخل عليها التحسين الضروري حينا بعد حين، ويتم البناء بالآلات المستعجلة التي تقتصد في الجهد إنجازا للعمل وإقلالا من نفقاته.

أما الأثاث فإن ضرورة تغيير أساليب البناء تستلزم تغيير الأدوات وصنعها على الطراز الحديث، ومنها أدوات للمكتبة وأدوات لحجرة الاستقبال وأخرى للمخدع أو للمطبخ أو للحمام أو للمراحيض، وتخصص لكل نوع معامل مستقلة تحت إشراف مؤسسة الإنشاء والتعمير.

ومرافق البيوت تشتمل على الماء والنور والحرارة والوقود والتلفون، ولا توجد في غير موانئ المعاهد موارد مائية، بل تخلو بعض هذه الموانئ من موارد الماء حتى الآن. ويستقي الناس في المدن الكبرى من الأنهار التي تنوب كذلك عن المجاري والمصارف. ومن هنا كانت موارد الماء في الصين غير صالحة، فمن المطالب العاجلة توفير موارد الماء في المدن بغير إبطاء، ولا بد لذلك من المعامل التي تصنع فيها الأدوات الضرورية، أما الإنارة فلا بد كذلك من تعميمها وإنشاء المعامل التي تخرج أدواتها.

ومن أعظم المطالب كلفة على الصين وقود الطعام، فالريفي يخصص عشر أرباحه لشرائه، والحضري يخصص لشرائه ضعفي هذه القيمة، ومن ثم كانت مسألة الوقود مضيعة لكثير من الجهد والثروة، ويجب استبدال الفحم بالعشب والحطب في بلاد الريف، وأن يستبدل به الغاز والكهرباء في الحواضر والعواصم، ولا غنى عن الأجهزة اللازمة لتحضير الفحم والغاز والكهرباء، وعلى مؤسسة الإنشاء والتعمير أن تعنى بهذا العمل، وعليها كذلك أن تيسر استخدام التلفون للريفيين والحضريين على السواء، وأن تنشئ المصانع التي تخرج الأجهزة والأدوات ميسرة بالثمن المستطاع. (9-4) المحركات

ناپیژندل شوی مخ