ونعود فنقول: إن مبادئنا الثلاثة تفيد لأجل هذا حكم الشعب بالشعب لأجل الشعب، وإن الدولة ملك الشعب؛ لأن الشعب كله يشرف عليها ويجني ثمرات أعمالها، وبهذا تصبح للشعب حصة في كل شيء ولا يكون قصارى الأمر أنه صاحب حصة فيما تنتجه الملكية الخاصة، ونعني بها ملكية رأس المال؛ لأن الإنتاج ينظر إلى هدف واحد في هذه الحالة: وهو الربح.
ومتى كان الربح هو الغاية فنجاحنا في تخفيض سعر الأقوات يتحول إلى طلب الربح من وراء التصدير إلى الخارج حيث ترتفع أثمان الطعام، وحسب صاحب المال الخاص أن ينظر إلى الربح ليحفزه الطمع إلى التصدير ولو كانت المجاعة تفني الكثيرين.
هذا النظام من نظم التوزيع لن يحل مشكلة المعيشة، فتحقيق ال «مينج شنج» مستحيل ما لم نشفع تدبير مسألة الإنتاج بتدبير مسألة التوزيع، وما لم نجعل القبلة توفير الطعام لا توفير الأرباح.
فالقضاء على نظام رأس المال حتم لا هوادة فيه، ونحن نعلم أن موارد الصين كافية لإطعام أهلها في الوقت الحاضر، ولكننا نرى الموارد تنقص عاما بعد عام؛ لأن الطعام يتسرب إلى الخارج حيث يجلب الربح الجزيل لفئة قليلة من أصحاب الأموال.
ومدار المبدأ الذي يتصل بمعيشة الأمة أن يحصل الناس على أقواتهم لا أن تمتلئ الخزائن بالأرباح، ويضطرنا هذا إلى خزن الفائض سنة قبل المحصول الجديد فلا نسمح بالتصدير حتى نضمن الكفاية بعد العام القابل ...
فالحد الفاصل بين نظام مبدأ المعيشة ونظام رأس المال أن رأس المال يجعل الربح غايته، وأن مبدأ المعيشة يجعل الغاية تيسير القوت لجميع أبناء الأمة، ومثل هذا المبدأ قمين أن يقضي على شرور النظم الاجتماعية القديمة.
ولطالما ردد الاقتصاديون أن مطالب المعيشة ثلاثة: غذاء وكساء ومأوى، وتجاربي الطويلة تدفعني إلى إضافة مطلب رابع كبير الخطر في هذا الصدد، وهو المواصلات السهلة، وحل المشكلة - مشكلة المعيشة - يستلزم أن يتمكن الناس جميعا من تحصيل هذه المطالب الأربعة ولا يغنيهم عن ذلك تخفيض أسعارها ... وحيث يراد أن تتضافر المساعي على إبداع (دنيا جديدة) لا يجوز أن يوجد أحد يعوزه مطلب من هذه المطالب الأربعة.
والحكومة هي التي تتولى حتما تزويد الشعب بهذه المطالب، ويجب أن يكون من حق كل أحد أن يحاسبها على تقصيرها، فعلى عاتقها يقع عبء العمل لتزويد الشعب بضروراته المعيشية.
وعلى الشعب ولا شك تبعات قبل الحكومة واضحة الحدود، فعلى الفلاح أن ينتج مواد الغذاء، وعلى الصانع أن ينتج الأدوات والآلات، وعلى رجل الأشغال أن يوازن الكفتين بين العرض والطلب، وعلى العالم أن يفرغ للعلم ذكاءه ودرايته، وعلى كل بالإجمال أن يعرف واجبه ويقوم بأدائه على الوجه الأمثل.
والهيئة السياسية أو القوة السياسية، لازمة لإنجاز هذه المهام من تدبير المئونة واتقاء خطر المنافسة الأجنبية، ولكن الصين اليوم - وهي أسيرة المعاهدات - لم تفقد سياستها وحسب، ولم تعجز عن حماية صناعتها وكفى، بل هي قائمة بحماية الصناعة الأجنبية، وقد حدث هذا من جراء التمدد والتوسع في رءوس الأموال، كما حدث من جراء التقدم الصناعي ومن تفوق الأجانب علينا في ميادين الاقتصاد، وكل هذه المزايا تسندها من ورائها قوى الدول السياسية.
ناپیژندل شوی مخ