============================================================
هذا مع شدة حاجة الملك إلى رعيته فى صون نفسه وتتفيذ آمره وامحاض نحه ودفع عدوه، فلما سمع الفيل الربيب مقالة الوحشى، تبين أنه أولى منه بالعزة والتهور الاوفساد التصور وقال : بحق قالت الطماء : الجيل يحجب العيان ويقلب الأعيان وقالوا : لا يزال المخطىء مرجوا ما لم يخامره الإعجاب بخطنه، فاذا اعجب حجبا ثم قال للوحشى : إنى اكافنك على نصحك اياى، وتبصيرك لى بأن أفتح لك باب الحيلة فى نجانك؛ لأنى أبصر بأخلاق الإنس وعاداتهم وأهدى إلى وجه الخلاص منه ، وسأتبعك وأكون خادما لك ما بقيت .
ثم إنهما اتفقا على أن يتظاهرا بالثخول وهو داء يصيب الإبل والفيلة فى اعجازها، فإذا قامت ارتعدت افخاذها حتى تكاد أن تسقط ، فتعالج بالفصد(1) الو حمل على السير الهون.
فلما تظاهرا بذلك وسارع السواس إلى مداواتهما راخرجوهما إلى الصحراء فسيروهما، فلما بعد الفيلان عن العمارة وأمكنتهما فرصة الهرب شدا فلحقا بالفيلة المتوحشة ، فهذا أيها الملك السعيد مل ما ذكرت .
فلما وعى ازدشير مقالة ولده بابك أطرق مغموما متفكرا فى أمره، وقد ي من ما يريده منه، ثم إنه نهض وأمر بابى باتباعه، فاتبعه حدى آدخله بيوت أمواله ومستودعات نخائره ، فجعل يريه اياها ويتبهه على مزاياها، حتى تى على آخرها ثم أقبل عليه فقال له : يا بابك لمن تترك هذا ، تتركه لمن هو احب اليك من نفسك وأحق بها منها؟
فقال له بابك : ان أذن الملك السعيد ضربت له مثلا فيه جواب ما سألنى عنه فقال له أزدشير : هات ما عندك من ذلك .
فقال بابك : نكروا أن راعيا كان يرعى بقرا على أهل قرية فيحسن لبقرهم السراح والمراح، فلبث بذلك برهة طويلة من الزمان ، وهم به مغتبطون وعليه متون؛ لما يعرفونه من بركة سعيه وتثمير رعيه، فكانوا لا يسالونه عن شىء من أمر بقرهم التى أسلموها إليه رضى به وطمأنينة إلى أمانته وكفايته .
(1) الفصد : شق العرق ليخرج منه الدم الفاسد .
مخ ۱۴۷