============================================================
اتبعثت له شهوة مرت نافذة لوجهها لا يصدها شيء . وكان يقال : انما صار يسير المؤنة المتحملة للعدو شاقا؛ لان الأرواح تحتمل منها أضعاف ما تتحمل الأبدان، فيصير الأذى بها عاما ، وليس كذلك المؤن المتحطة للحبيب ؛ لأن الأرواح تتلذذ بها وتستخدم الأبدان لها.
قيل : ثم أن القرد تفكر فى حاله، فظهر له أن نصيحته فى خدمة الدب نعه من الخلاص منه، فندم على نصحه فى خدمته وعلم أنه لن ينجيه منه الا الحيلة، فطالت فكرته فى ذلك الى أن اتجه له وجه الحيلة فيه .
وكان يقال : إذا كان المملوك ميت الشهوة ، بليد الفكرة ، رنل الهمة فهو سلع لمالكه، وإن لم يكن بهذه الصفات فإن له فيه شريكا هو أملك به من سيده، وذلك أنه إذا كان متحرك الشهوة كان منقادا لطاعتها ، واذا صحت فكرته أعلها فى طلب الراحة من النصب(1)، والخلاص من الأسر واقامة الحجج فى الدفع عن نفسه ، وإذا سمت همته اتصف بالغضب والأنفة(1) والحقد ، وتبر بما يريد لا بما يريد سيده: قيل : وكان مما عول القرد عليه من الخديعة للدب أن يتظاهر بضعف البصر، فصار يلقى إلى الدب من الثمر ما لاخير فيه، فزجره الدب عن صنيعه فلم ينزجر وضربه فلم يرتدع، فلما طال عصيانه عليه قال له : إنى قد سنمت من زجرك وضربك، وقد حدثت نفسى باكلك لأنه لم يبق لى فيك منتفع لوكان يقال : إذا لم تجد من الخدمة إلا من أساء أدبه فاخدم نفسك ولا سخدمه؛ لأنه يحمل على قلبك من المشقة أضعاف ما تحمل على بنك .
فقال له القرد : إنى لست على ما تصفنى به من سوء الأنب ولو قتلتتى اندمت كما ندم الطحان حين قل حماره . فقال له اللب : أخبرنى عن ذلاك .
فقال : حكى أن طحانا كان له حمار يطحن به ، وكانت له زوجة سوء ال يبها وهى تحب جارالها، وذلك الجار الذى تحبه يبغضها ويمتع منها ، فرآى (1) التعب والإعياء .
(2) عزة النفس :
مخ ۱۱۳