(أما الحيوان) : فيحتاج إلى أن يحفظ ويغذى ويكن (1) من الحر والبرد . ( وأما النبات) : فيحتاج إلى أن يزرع ويغرس ويسقى ، ويربى إلى غير ذلك . واحتاج أيضا لجمع الغذاء واتخاذه إلى صناعات أخر كثيره ، وذلك هو السبب في اتخاذ المدن والممالك ، وسنذكره إذا انتهينا إليه فى الفصل الثالث من الكتاب ، فإن النجار يحتاج إلى الحداد ، والحداد يضطر إلى صناعة أصحاب المعادن ، وتلك الصناعة تحتاج إلى البناء ، وكل واحل من هذه الصناعات وإن كانت تامة في نفسها ، فإنها تحتاج إلى الأخرى كما تحتاج بعض أجزاء السلسلة إلى بعض ، فوقع الأضطرار إلى التعاون والتعاضد والتساعد ، ولم تكن حاجة كل منهم في وقت حاجة صاحبه في أكثر الأوقات ليعنوا بالمعاوضة والمقايضة و لم تعلم قيم الأشياء، وأجرة الصناعات فاحتيج حينئل إلى شيىء يثمن به جميع الأشياء وتعرف قيمها ، فمتى احتاج الإنسان إلى شبىء ما ثمنه ، أو وزن من هذا الجوهر النفيس فقد بان بما ذكرناه أنه من صار في يده شبىء من هذا الجوهر الذي سميناه فكأن الأنواع التي يحتاج إليها كلها قد حصلت في يده .
(ويحتاج المال إلى أمور ثلاثة هي ) (اكتسابه): يجتنب في إكتسابه هذه النقائض :
(الجور) : كالبخس في الوزن - التطفيف في الكيل ، الجحود للحق - المغالطة في الحساب.
(العار) : كمثل الشتم والصفع والإهانة ، واحتمال أشباه ذلك طلبا لكسب .
{الدناعة) : بأن يترك صناعة آبائه من غير عجز ، أو ينتقل عن تلك الصناعة إلى أدرن منها.
(وحفظه)
يحتاج في ذلك إلى هذه الأحوال :
( أحدها) : أن يكون ماينفق أكثر مما يكسب . ( ثانيها) : أن لا يكون ماينفق مساويا لكسبه .
مخ ۷۶