وللنفس أخلاق تحدث عنها بالطبع ولها أفعال تصدر عنها بالإرادة منهما ضربان: أحلاق الذات - وأفعال الإرادة .
والانسان مطبوع على أخلاق كل ما حمد جميعها ، أو ذم سائرها .
وإنما الغالب بعضها محمود وبعضها مذموم ، فتعذر لهذا التعليل أن تستكمل فضائل الأخلاق طبعا وغريزة ، ولزم لأجله أن يتخللها رذائل الأحلاق طبعا وغريزة ، فصارت غير منفكة من جبلة (1) الطبع وغريزة الفطرة عن فضائل محمودة ، ورذائل مذمومة. وإذا استقر ذلك فالسعيد من غلبت فضائله على رذائله ، فقدر بوفرر الفضائل على قهر الرذائل ، وسلم
شين لنقص وسعد بفضيلة الفضل . فالإنسان يستحق الحمد على الفضائل المكتسبة لأنها مستفادة بفعله ، ولايستحق على الفضائل المطبوعة وإن حمدت فيه لوجودها پغير فعله.
ومن القبيح أن يتحرز المرء من أغذية البدن كي لا تكون ضارة ، ولا يعنى بتهذيب ألاق نفسه ومداواتها بالعلم الذي هو غذاؤها كي لايكون باطلا وضارا ، وإذا كنا نعنسى بجميع أعضاء البدن رخاصة بالأشرف منها وهو العقل .
ركما أن الأمراض التى تعرض للبدن إن لم يعلم الطبيب الأسباب الفاعلة لها لم يتمكن من علاجها ، فذلك يملك النفس ينبغي أن نعنى بقلع أسبابها ، فمتى أحس الإنسان بأنه قد أخطأ وأراد أن لا يعود ثانيا فلينظر أي أصل في نفسه حدث ذلك عنه فنحتال في إزالته ، وبعد فلو لم يكن إلى تغيير الأخلاق سبيل لما كان للأقاويل الستي أودعتها الحكماء كتبها في استصلاح الأخلاق معنى إذ لم يرج لها نفع ولا جدوى ، وكذلك إذا لم يكن للمواعظ التى يقصد بها ذووا الأخلاق الذميمة من الأشرارمعنى إذا لم نطمع في انتقالهم عما هم عليه من الشر.
إذ قد انتهينا إلى ما أردنا بيانه فلنتم الكلام فيه ها هنا بعون الله تعالى ولطفه والحمد لله وحده { والسبييل إلى اعتقاد الإنسان الأخلاق المحمودة واستعمالها واجتناب المذمومة واهمالها ثلاثة أمور) :
مخ ۶۳