240

السلوك في طبقات العلماء والملوك

السلوك في طبقات العلماء والملوك

پوهندوی

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

د ایډیشن شمېره

الثانية

الْبَلَد يلقونني بأسياف إِلَى المسلاب مَوضِع خوف فِي الطَّرِيق وَقَالَ لَهُ بكتابه فمعي كتب وأخشى عَلَيْهَا فتْنَة الْحَرْب فَفعل الْفَقِيه ذَلِك وَذكروا أَيْضا أَنه أَعنِي الْفَقِيه مُحَمَّد بن أَحْمد رأى لَيْلَة قدوم الشَّيْخ عَلَيْهِم قَائِلا يَقُول لَهُ غَدا يقدم عَلَيْكُم معَاذ بن جبل فَلَمَّا أصبح الْفَقِيه وَأخْبر أَصْحَابه بمنامه وَقَالَ يقدم علينا الْيَوْم عَالم هَذِه الْأمة فَإِن النَّبِي ﷺ يَقُول معَاذ أعلم أمتِي بالحلال وَالْحرَام وَكَانَت وظيفته أَن يقْرَأ كل لَيْلَة سبع الْقُرْآن بِالصَّلَاةِ وَكَانَ يحب طلبة الْعلم واجتماعهم وَيكرهُ الْخَوْض فِي علم الْكَلَام وَكفى لَهُ شَاهدا على الْفضل الَّذِي حواه تصنيف الْبَيَان الَّذِي انْتفع بِهِ الْإِنْس والجان واعترف بتحقيقه وتدقيقه كل إِنْسَان ويتوقل فِي بلد البيضان والسودان وَلما قدم بعد بَغْدَاد جعل فِي أطباق الذَّهَب وطيف بِهِ مزفوفا ثمَّ لما قدم بِهِ بِخَط علوان قَالَ جمَاعَة من أهل الْعرَاق مَا كُنَّا نظن فِي الْيمن إِنْسَان حَتَّى قدم علينا الْبَيَان بِخَط علوان رضيه الْفُقَهَاء الْمُحَقِّقُونَ وانتفع بِهِ الطَّبَقَة المدرسون وَنقل عَنهُ المصنفون حَتَّى كَانَ كاسمه للشَّرْع تبيانا وللفقه بَيَانا أجَاب بِهِ عَن المعضلات وأوضح بِهِ المشكلات وَقسم بِهِ الْأَوْصَاف والاحترازات وَسمعت شَيْخي أَبَا الْحسن الأصبحي يَقُول مَا أشكلت عَليّ مَسْأَلَة فِي الْفِقْه وفتشت لَهَا الْبَيَان إِلَّا وجدت بِهِ بَيَانهَا ووضح لي تبيانها فجزاه الله عَن الْإِسْلَام خيرا وَلَقَد دخلت عَليّ مرّة أَيَّام درسي عَلَيْهِ وَهُوَ إِذْ ذَاك فِي أثْنَاء أجوبة عَن سوآلات سَأَلَهُ بهَا الْفَقِيه صَالح بن عمر وَهُوَ بَين يَدَيْهِ فَقَالَ الْبَيَان كتاب عَظِيم لَا أشفى مِنْهُ لنَفس الْفَقِيه وَنقل صَاحب الْعَزِيز وَصَاحب الرَّوْضَة عَنهُ مسَائِل جمة شاهدة لَهُ أَيْضا بالكمال كَمَا ذكرت وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَقد قَالَ بعض الْمُحَقِّقين أَنه انتخل الشُّرُوح المفيدة والأدلة السديدة والمسائل العتيدة والأقيسة الأكيدة وضمنها الْكتاب الْمَذْكُور مَعَ مَا أضَاف إِلَى ذَلِك من النكت الْحَسَنَة والعلل المستحسنة وَجمع فِيهِ بَين تَحْقِيق الْعِرَاقِيّين وتدقيق الخراسانيين بِحَيْثُ إِذا تَأمله الحاذق الْحَاضِر وكد فِيهِ الْفِكر والناظر وَسعه وَكَفاهُ وَاسْتغْنى بِهِ عَمَّا

1 / 298