سلطان محمد فاتح
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
ژانرونه
إن سيف دلالك قد نفذ بين ضلوعي
وإن سلاح تعذيبك قد قطع صدري
ولو رأت الملائكة آثار قدميك
لسجدوا فيها كأنها كعبة المحراب
كان الفاتح دائبا على تثقيف نفسه وزيادة معلوماته، فكان له معلمون اختارهم من بين العلماء البارزين، يقرأ عليهم الكتب المختلفة ويتلقى عنهم العلوم مثل خواجه زاده وابن الخطيب، وكان كثير النظر في الكتب والرسائل التي يصنفها علماء عصره يفحصها ويقارنها وينتقدها، وكانت له مكتبة خاصة عني بجمعها واختيار كتبها، وعين الملا لطفي أمينا لها مدة من الزمن.
وعني الفاتح بالعلم والتعليم والمتعلمين والمعلمين؛ فهو يعنى بالمتعلمين من حيث توفير سبل التعليم لهم والنفقة عليهم أثناء تعلمهم، فمن بين هؤلاء المتعلمين من سيتولون وظائف التدريس والإفتاء والتربية الإسلامية.
ولقد كلف السلطان الفاتح وزيره محمود باشا إصلاح النظم التعليمية، وكان ذلك الرجل خير من يقوم بهذه المهمة، فتربته إنسانية شرقية وهو أديب وعالم وشاعر ظاهر، في عهد الفاتح أنشئت المدارس العالية في المدن الكبرى إلى جانب المكاتب التي عممت في المدن والقرى، وكان الفاتح يختار بنفسه العلماء الذين يقومون فيها بالتدريس، وكان كثيرا ما يتباحث مع هؤلاء العلماء فيما يدرس ويسألهم عن أفاضل طلبتهم ليسرع إلى مكافأتهم وتعيينهم في وظائف التدريس، كما فعل مع ملا خسرو وتلميذه ابن مغنيسيا. ولقد وضع لهذه المدارس البرامج المنظمة من مواد دينية ولغوية، من لغات عربية وفارسية ورياضة وأدب وفلك، وكان يعطي للطلاب المتخرجين شهادات تسمح لهم بالقيام بالتدريس بعد هذه الدراسة المنظمة، فيمنح الطالب لقب معيد، ولكي يكون الطالب عالما (إماما) عليه أن ينبغ ويتعمق في دراسة الشرع الشريف والفقه، وعليه أن يجتاز امتحانات عديدة في علم الكلام والتوحيد والأصول والفقه والشريعة الإسلامية قبلما يصل إلى هذه المرتبة.
وإذا استطاع الطالب بعد خمسة عشر عاما على الأقل النجاح اكتسب المجد الكبير والشرف والامتيازات الكثيرة، فمن بين هؤلاء الطلاب والعلماء أساتذة المدارس العليا والقضاة الملات (ملا: رتبة علمية) والمفتون وإستامبول أفندي (قاضي الأستانة) وقضاة العسكر في أوروبا وآسيا والمفتي شيخ الإسلام، ولقد وضع السلطان الفاتح نظاما ماليا (كادرا) خاصا لهؤلاء العلماء.
كان عصر الفاتح عصرا حافلا بدراسة الشريعة والفقه الإسلامي نادر المثال في التاريخ العثماني، يدل على ذلك كثرة المؤلفين في هذه الدراسات، وكثرة الكتب التي وضعوها باللغة العربية. وكان العلماء كثيرا ما يجتمعون في حضرة السلطان ويتناقشون أمامه في المسائل الفقهية واللغوية، وكان كثيرا ما يشترك معهم ويحكم بينهم، وقلده في هذا وزراؤه وخاصة محمود باشا وسنان باشا الذي «كان من عادته إحضار العلماء ... وإحضار الأطعمة اللطيفة» تتلوها المناقشات العلمية.
وكان للعلماء في عصر الفاتح قوة روحية كبيرة ومقام سام لتقدير السلطان لهم ولمكانتهم عند الناس، وكانوا كبيري الاعتداد بكرامتهم فكانوا يحتجون إذا حدث تقصير في حق واحد منهم، وكانوا يهددون بالخروج من مملكة السلطان فكان لا يرد لهم طلب ولا شفاعة. وكان الفاتح يتبسط معهم إلى درجة يروي معها صاحب الشقائق النعمانية - ووالده عاصر الفاتح - في ترجمة المولى فخر الدين العجمي: «ربما يمر السلطان محمد قدام بيتنا (بيت فخر الدين) ذاهبا إلى زيارة أبي أيوب الأنصاري ... ويخرج أبي إلى الباب ويسلم عليه ويقدم له شربة، ويقول السلطان محمد والله أشرب هذه الشربة. ويناوله والدي بيده فيشرب منه ثم يسلم عليه ويذهب.»
ناپیژندل شوی مخ