وليت شعري الى أين كان يفر هؤلاء من الفقر الذي اتقوه بالفرار من امامهم الشرعي ، يوم يستيقنون اصرار معاوية على الخلف بوعده وعهوده وانهم لمستيقنون والى أين كانوا يفرون من الموت وقد خافوه بالجهاد مع ابن بنت نبيهم (ص)، وانه لمدركهم « ولو كانوا في بروج مشيدة » ، وسيدركهم وهم فقراء من دينهم ودنياهم معا ، فلا بمواثيق الله عملوا ولا على رشوات معاوية حصلوا ، وسيموتون ميتتهم الجاهلية التي سبقت لابائهم فاستبقوا بها الى النار ، وبئس الورد المورود.
« يا ويح من ولى الكتا
ب قفاه والدنيا أمامه
وكان الوزر الاكبر الذي تأزره الكوفيون في مسكن ، وزر النفر الذين قادوا الحركة الخائنة في خطواتها الاولى ، منذ ركبوا المآثم السود بتكتلاتهم ومكاتباتهم ..
وتمثل للحسن وهو بالمدائن ، أفراد من « الوجوه وابناء البيوتات » في جيش مسكن كان يعرفهم بلحن القول حينا ولحن العمل احيانا ، وما كانوا بالذين ينقطعون عنه وعن جماعته في الكوفة ، ولكنهم المنقطعون عن مودته وعن الاخلاص لاهدافه فيما يبطنون ، ولم يكن شيء مما يبطنونه بالذي يغيب عنه ، ولا شيء يزاولونه في مناوراتهم معه فيجهله من نواياهم. وكانوا اذ يتصلون به ، انما يصطنعون الدين وسيلة الى الدنيا ، ويخيل اليهم انهم قد حذقوا اتخاذ الوسيلة ، حتى اذا علموا خطأهم يدأوا يزرعون في بطاح غدهم نوابت الزرع الخبيث ، وعادوا وهم في عهده على سابق عهدهم ، يوم كانوا يجترون تملقهم الاصفر وخذلانهم الاسود
مخ ۱۵۳