للتعاظم وتطلعه الى السبق ، فيقول له فيها : «ان الحسن سيضطر (1) الى الصلح ، وخير لك أن تكون متبوعا ولا تكون تابعا (2).. » وجعل له فيها الف الف درهم (3).
وكان معاوية أحرص بشر على استغلال مآزق أعدائه.
« وكان ايمان معاوية بالسفالة البشرية ، ايمانا لا حد له. وهو ايمان يقوم على الاعتقاد بأن أقوم الناس خلقا ، وأشدهم عزما ، وأنقاهم فضيلة ، قد تستغويه الاطماع ويذله الحرص ، في ساعة من ساعات الضعف الذي يطرأ على النفوس ، وفترة من فترات الشك الذي لا ينفك عن مطاردة الناس ، ولا يسلم من غوائله أفاضل الناس وأعالي البشرية (4)».
وكان فيما حذر به أمير المؤمنين عليه السلام زيادا ، أن قال له : «وان معاوية يأتي الانسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. فاحذر ثم احذر (5)».
وهكذا صرع الشعور بالخيبة ، والاستسلام للطمع ، الفتى الاصيل. فاذا هو من أبشع صور الخيانة المفضوحة والضعف المخذول.
فلا الدين ، ولا الوتر ، ولا العنعنات القبلية ، ولا الرحم الماسة من رسول الله صلى الله عليه اله ومن قائده الاعلى ، ولا الميثاق الذي واثق الله عليه في البيعة منذ كان أول من دعا الناس الى بيعة الحسن في مسجد الكوفة ، ولا الخوف من حديث الناس ونقمة التاريخ بالذي منعه عن الانحدار الى هذا المنحدر السحيق.
مخ ۱۴۲