كما لو كانوا جنودا مناصحين ، وان يبطنوا من وراء هذا التظاهر مقاصدهم فاذا هم جنود مبادئهم المعروفة بل مبادئهم المبطنة التي لم تعرف لحد الآن.
وكانت فكرة « الخروج » بذرة خبيثة انبثقت عن قضية التحكيم بصفين ، ومنها سموا « المحكمة » ، ورسخت جذور هذه الفكرة كعقيدة مكينة في نفوس هؤلاء ، واستطالت بمرور الزمن ، فبسقت عليها أشجار أثمرت للمسلمين الوانا من الخطوب والنكبات.
وكان الخوارج على ظاهرتهم المخشوشنة في الدين ، قوما يحسنون المكر كثيرا.
فلم لا يغتنمون ظروف الحرب القائمة بين عدوين كبيرين من اعدائهم؟. ولم لا يكونون في غمار هذا الجيش الزاحف من الكوفة يقتنصون الفرص المؤاتية ، بين تجهيزات المجاهدين ، والحركات السوقية ، والمعارك المنتظرة التي ستكون في كثير من أيامها سجالا والفرص في الحرب السجال أقرب تناولا ، وأيسر حصولا ، وأفظع مفعولا ، اذا حذق المتآمرون استخدامها ؟.
ولا أريد أن انكر بهذا عداوتهم لمعاوية وايثارهم قتاله بكل حيلة كما أفاده شيخنا المفيد رحمه الله . ولكني أرى أنهم كانوا يرمون من خطتهم الى غرضين ... وما من غرض للخوارج في ثوراتهم ومؤامراتهم الا اقتناص الرؤوس العالية في الاسلام! سواء في العراق أو في مصر أو في الشام. وعشعشت بين ظهراني هؤلاء القوم كوامن الغيلة فغلبت على سائر مناهجهم الاخرى ، فمشوا مع الحسن ولكن الى الفتنة ، وحبوا في طريق الجهاد ولكن الى الفساد. وكانت الطعنة المركزة الجريئة التي « أشوت » الحسن عليه السلام في « مظلم ساباط (1)» ، هي الحلقة الجهنمية الثانية من سلسلة جرائم هذه العصابة الخطرة في البيت النبوي العظيم.
مخ ۱۳۱